نسك عناية
نسك عناية: تقدم أكثر من 765 ألف خدمة لحجاج منى في أيام التشريق
كتب بواسطة: سوسن البازل |

تواصل وزارة الحج والعمرة جهودها الدؤوبة في تقديم الخدمات الميدانية المتكاملة لحجاج بيت الله الحرام، عبر مراكز "نسك عناية" المنتشرة في مشعر منى والمشاعر المقدسة، خلال أيام التشريق، وذلك في إطار منظومة تشغيلية متقدمة تهدف إلى تعزيز تجربة الحاج والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة من الجودة والاهتمام، انسجامًا مع مستهدفات رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تضع في أولوياتها تطوير الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن على كافة الأصعدة.

وتعكس هذه الخدمات منظومة عمل متكاملة تستند إلى البُعد الإنساني والتقني في آن واحد، إذ تعمل أكثر من 239 نقطة خدمة ميدانية بين مراكز ثابتة ونقاط تجوّل، على مدار الساعة، لتقديم مجموعة متنوعة من الخدمات التي تشمل الدعم النفسي، والإرشاد الميداني، والاستجابة الفورية للبلاغات، والدعم الصحي، مع تركيز خاص على الحالات الإنسانية الحساسة، ومرافقة الحجاج عند الحاجة إلى الوصول إلى المواقع الحيوية والخدمية في المشاعر المقدسة.

وقد بلغ إجمالي عدد الخدمات المقدمة منذ بداية موسم الحج لهذا العام وحتى لحظة إعداد هذا التقرير أكثر من 765 ألف خدمة ميدانية، وهو ما يعكس حجم الجهد المبذول من قبل الوزارة وشركائها الميدانيين، وقدرتهم على تلبية الاحتياجات المتنوعة للحجاج في ظل الزحام والظروف المناخية الصعبة، فضلًا عن التباين اللغوي والثقافي بين الحجاج القادمين من مختلف بقاع العالم.

وفي قلب هذه الجهود تقف الكوادر البشرية المؤهلة التي تدير هذه المراكز، حيث تحرص وزارة الحج والعمرة على اختيار فرق عمل متعددة الجنسيات واللغات، تضم كوادر من الجنسين، يجيدون أكثر من 11 لغة عالمية، من بينها اللغة العربية، والإنجليزية، والأوردو، والتركية، والفرنسية، والمالاوية، فضلًا عن لغة الإشارة، وهو ما يعزز من قدرة الفرق على التواصل الفعال مع الحجاج، وتقديم الدعم المناسب في الوقت المناسب، دون حواجز لغوية أو ثقافية.

وتعمل هذه الكوادر تحت إشراف غرفة تحكم مركزية متصلة بأنظمة وزارة الحج والعمرة الرقمية، ما يسمح برصد الحالات الميدانية لحظة بلحظة، واتخاذ قرارات تشغيلية فورية بالتنسيق مع الجهات الأخرى المعنية في المشاعر، كوزارة الصحة، والدفاع المدني، والهلال الأحمر، والأمن العام، وهو ما يحقق استجابة لحظية تنقذ الأرواح وتُذلل العقبات وتُسهم في تسهيل أداء المناسك.

وتجدر الإشارة إلى أن مبادرة "نسك عناية" انطلقت في عام 2019م، كمبادرة رائدة من وزارة الحج والعمرة بالشراكة مع الجمعية الأهلية للتوعية الصحية، وقد نجحت منذ انطلاقها في تقديم أكثر من 8 ملايين خدمة ميدانية للحجاج، ما جعلها واحدة من أكثر المبادرات تأثيرًا في تحسين تجربة الحج على المستوى الفردي والجماعي، وتتنوع هذه الخدمات بين الإرشاد المكاني، والاستجابة للبلاغات العاجلة، وقياس العلامات الحيوية، وتقديم الاستشارات الصحية واللغوية، بما يلبي احتياجات الحجاج في وقت قياسي وبكفاءة عالية.

وتستفيد مراكز "نسك عناية" من تكاملها التقني مع منصة "نسك" الرقمية، التي تتيح تبادل البيانات الميدانية بشكل لحظي مع باقي المنصات والأنظمة التابعة للوزارة والجهات ذات العلاقة، ما يسمح بتحليل الواقع الميداني بشكل دقيق، واتخاذ قرارات تشغيلية قائمة على مؤشرات الأداء، والمعلومات اللحظية المتغيرة، كما يتم توظيف أدوات إلكترونية متخصصة لقياس رضا الحجاج عن مستوى الخدمة المقدمة لهم، في خطوة تهدف إلى تحسين الأداء وجودة الخدمة في الوقت الحقيقي.

وفي هذا الإطار، تحرص الوزارة على تعزيز مفهوم الرعاية المباشرة والإنسانية للحجاج، لا سيما في أيام التشريق التي تشهد كثافة حركية وبشرية عالية، وتتطلب دعمًا متواصلًا على كافة المستويات، ولذلك فإن استمرار عمل مراكز "نسك عناية" في مشعر منى خلال هذه الأيام لا يُعد مجرد عمل ميداني، بل هو ترجمة عملية لرؤية المملكة في تطوير تجربة الحج من خلال نهج شامل يضع الحاج في قلب العملية التشغيلية، ويراعي احتياجاته الإنسانية واللغوية والصحية والنفسية.

ومن أبرز ما يميز هذا النموذج الخدمي المتكامل هو قدرته على التفاعل مع التحديات الميدانية، والانتقال من النمط التقليدي في تقديم الخدمات إلى نمط ذكي وتفاعلي، يقوم على جمع البيانات وتحليلها وتحويلها إلى قرارات فعلية ومبادرات مستدامة، تحقق الأمان والطمأنينة للحجاج، وتُسهم في إنجاح موسم الحج بمستوى عالٍ من الكفاءة والمرونة.

وفي ضوء هذه الجهود، يبرز الدور المحوري الذي تلعبه وزارة الحج والعمرة في تطوير مفهوم الخدمة الميدانية، وتعزيز قدراتها التشغيلية، وتكريس مبادئ الجودة والتحسين المستمر في كافة مسارات الحج، لتظل المملكة رائدة في خدمة ضيوف الرحمن، ومثالًا يُحتذى به في تقديم تجربة دينية وروحية متكاملة، قائمة على الكفاءة والإنسانية في آن واحد.

وتأتي مراكز "نسك عناية" لتؤكد مرة أخرى أن منظومة الحج لم تعد تقتصر على تهيئة البنية التحتية وتوفير المرافق الأساسية فقط، بل تجاوزت ذلك إلى تقديم خدمات شخصية متقدمة، تُلبي احتياجات الحاج النفسية والصحية والاجتماعية، وتضعه في قلب الاهتمام والاعتبار، ما يجعل من تجربة الحج لحظة خالدة في الذاكرة، ومصدر فخر وامتنان لكل من نال شرف أدائها.