تبدأ وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، اعتبارًا من اليوم الأحد، تطبيق قرار منع العمل تحت أشعة الشمس المباشرة، وذلك على جميع منشآت القطاع الخاص في أنحاء المملكة، خلال فترة الظهيرة، ضمن إجراءاتها لحماية العمالة من المخاطر الصحية المرتبطة بالحرارة المرتفعة.
ووفقًا للقرار، يُمنع تشغيل العمال في الأماكن المكشوفة تحت أشعة الشمس المباشرة من الساعة 12 ظهرًا حتى الساعة 3 مساءً، ويستمر الحظر حتى تاريخ 15 سبتمبر المقبل، ضمن فترة الصيف التي تُسجل فيها درجات حرارة مرتفعة في معظم مناطق المملكة.
ويأتي هذا القرار في إطار حرص الوزارة على ضمان بيئة عمل آمنة وصحية للعمال، وتقليل نسب الإصابات المهنية المرتبطة بالتعرض لأشعة الشمس والإنهاك الحراري، لاسيما في المهن الميدانية والإنشائية التي تتطلب تواجدًا في الأماكن المكشوفة.
وأكدت الوزارة أن تطبيق القرار إلزامي على جميع منشآت القطاع الخاص، وأنه لا يُستثنى من ذلك إلا العمال الذين يعملون في شركات لها طبيعة عمل تتطلب الاستمرارية في بعض المواقع، مثل شركات الخدمات الطارئة أو أعمال الصيانة الطارئة، ولكن ضمن ضوابط واشتراطات معينة.
وأوضحت "الموارد البشرية" أن العقوبات التي سيتم تطبيقها بحق المنشآت المخالفة تتراوح بين 3000 و10000 ريال عن كل عامل تم تشغيله في وقت الحظر، كما قد تتضاعف العقوبات في حال تكرار المخالفة أو رصد انتهاكات جسيمة للوائح السلامة.
وسيتم تخصيص فرق تفتيش ميدانية في مختلف مناطق المملكة لمتابعة مدى الالتزام بالقرار، مع توفير قنوات للإبلاغ عن المخالفات، من أبرزها تطبيق "معًا للرصد"، الذي يُمكن للمواطنين والمقيمين استخدامه للإبلاغ عن أي انتهاك يتم رصده ميدانيًا.
ويأتي هذا التوجه متسقًا مع الجهود السعودية لتعزيز ممارسات الصحة والسلامة المهنية، وتطبيق المعايير الدولية في مواقع العمل، بما يدعم رؤية المملكة 2030 في توفير بيئة عمل محفزة تحفظ حقوق العامل وتحترم كرامته.
وأشارت الوزارة إلى أن تعرّض العمال لأشعة الشمس المباشرة لفترات طويلة قد يؤدي إلى حالات خطيرة مثل ضربة الشمس، والجفاف، والانهاك الحراري، ما يستوجب اتخاذ الإجراءات الوقائية الفعّالة لحماية القوى العاملة، خصوصًا في فصل الصيف.
وقد شددت الوزارة على ضرورة أن تقوم المنشآت بتعديل ساعات العمل وتوزيع المهام وفق مبدأ المرونة خلال فترة الحظر، على أن يتم استثمار ساعات الصباح والمساء في إنجاز الأعمال الميدانية، مع تقليص زمن التواجد خلال ساعات الذروة الحرارية.
من جانبه، دعا عدد من المختصين في السلامة المهنية إلى أهمية التوعية المستمرة بأضرار العمل تحت الشمس، سواء عبر منصات التدريب أو الرسائل التوعوية التي تصل مباشرة للعمال بلغاتهم الأم، لضمان فهمهم الكامل للمخاطر المرتبطة.
ورحبت منظمات حقوقية وإنسانية بتطبيق مثل هذه القرارات الموسمية، واعتبرتها دليلاً على التزام المملكة بحماية الإنسان في بيئة العمل، خاصة أن كثيرًا من العمال الميدانيين يأتون من دول ذات مناخ معتدل، ولا يملكون الخبرة الكافية للتعامل مع موجات الحر الشديدة.
وتسعى الوزارة إلى تحقيق التوازن بين متطلبات سوق العمل والحفاظ على السلامة الجسدية والنفسية للعمال، حيث أوضحت أنها لن تتهاون في تطبيق النظام على المخالفين، حرصًا على حياة العاملين وسلامتهم.
وقد بدأت بعض الشركات الكبرى منذ أسابيع في تهيئة الجداول الزمنية للفرق الميدانية لديها، وتوفير أماكن استراحة مكيفة ومجهزة في مواقع العمل، بما يضمن استمرار الإنتاجية دون تعريض العاملين لمخاطر الحرارة العالية.
وتؤكد الوزارة في كل عام على أهمية تعاون جميع الأطراف، سواء أصحاب العمل أو العاملين أو المواطنين، في دعم تطبيق مثل هذه الإجراءات، التي تصب في النهاية في صالح الجميع، وتُعزز من صورة المملكة في احترام حقوق الإنسان في بيئة العمل.