تعتزم وزارة البيئة والمياه والزراعة، ممثلة بفرعها في المنطقة الشرقية، تنفيذ خطة ميدانية شاملة تهدف إلى حماية الثروة السمكية وتنظيم عمليات الصيد في مياه المنطقة، تشمل هذه الخطة جوانب حيوية أبرزها تقدير المخزون السمكي بشكل دقيق، بالإضافة إلى تحديد مواسم الحظر الضرورية لضمان استدامة المصائد البحرية للأجيال القادمة.
يأتي هذا التحرك الاستباقي في ظل التحديات التي تواجه الثروة السمكية، والتي تتضمن الصيد الجائر وتغيرات المناخ، مما يستدعي تدخلات علمية وعملية لضمان بقاء هذه الموارد الطبيعية الحيوية، فالصيد العشوائي وغير المنظم يمكن أن يستنزف المخزون بشكل لا رجعة فيه.
الخطة الميدانية ترتكز على أسس علمية متينة، حيث ستشمل دراسات ميدانية وبحوثًا معمقة لتقييم حجم المخزون الحالي من مختلف أنواع الأسماك والقشريات في مياه الخليج العربي، والذي يُعد جزءًا حيويًا من النظام البيئي البحري.
وستُسهم نتائج هذه الدراسات في تحديد الكائنات البحرية الأكثر عرضة للاستنزاف، ومن ثم وضع الاستراتيجيات اللازمة لحمايتها وتعزيز تكاثرها الطبيعي، مما يُعزز من التنوع البيولوجي في المنطقة.
تُعتبر خطوة تحديد مواسم الحظر للصيد جزءًا لا يتجزأ من هذه الاستراتيجية، حيث تُمكن الكائنات البحرية من التكاثر والنمو دون تدخل، مما يُساعد على تجديد المخزون السمكي بشكل طبيعي وفعال.
إلى جانب الحظر الموسمي، ستركز الخطة على تنظيم أدوات الصيد المستخدمة، ومنع الصيد باستخدام الشباك الجرافة أو المواد الضارة التي تُدمر البيئة البحرية وتُلحق أضرارًا جسيمة بالكائنات الصغيرة.
الهدف الأسمى من هذه الخطة ليس فقط الحماية البيئية، بل أيضًا ضمان استمرارية مهنة الصيد للصيادين المحليين، وتوفير مصدر دخل مستدام لهم، مع الحفاظ على التوازن البيئي البحري.
وستُنفذ هذه الخطة بالتعاون والتنسيق الوثيق مع مختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة، مثل حرس الحدود، وجمعيات الصيادين، والمراكز البحثية المتخصصة في الثروة السمكية، لضمان تطبيق فعال وشامل.
يُعد توعية الصيادين والمجتمع المحلي بأهمية هذه الإجراءات جزءًا أساسيًا من نجاح الخطة، حيث ستُعقد ورش عمل وحملات توعوية لتعزيز الوعي بالممارسات الصيدية المستدامة.
الاستثمار في حماية المصائد البحرية يُعتبر استثمارًا في الأمن الغذائي للمملكة، ويُسهم في تقليل الاعتماد على استيراد الأسماك، مما يُعزز من الاكتفاء الذاتي من الموارد البحرية.
ومن المتوقع أن تُسهم هذه الخطة في تحسين جودة الأسماك المتوفرة في الأسواق المحلية، حيث أن تنظيم الصيد وتحديد مواسم الحظر يؤدي إلى توفر أسماك ذات حجم مناسب وجودة أعلى.
تُبرز هذه المبادرة التزام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على مواردها الطبيعية، وتطبيق أفضل الممارسات الدولية في إدارة المصايد البحرية، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.
ومع بدء تنفيذ هذه الخطة، ستُجرى عمليات متابعة وتقييم دورية لقياس مدى فعاليتها وتأثيرها على المخزون السمكي، وتعديل الإجراءات حسب الضرورة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
تُشكل هذه الخطة الميدانية لحماية المصائد وتنظيم الصيد في المنطقة الشرقية خطوة حاسمة نحو تحقيق التوازن بين الاستغلال الاقتصادي للموارد البحرية وحماية استدامتها البيئية، لضمان مستقبل مزدهر للثروة السمكية في المملكة.