في ظل التحولات السريعة التي يشهدها سوق العمل، شدد المختص في الموارد البشرية رضوان الجلواح على ضرورة التسلح بالمعرفة قبل التقدم لأي فرصة وظيفية، مشيرًا إلى أن التسرع في التقديم دون دراسة مسبقة قد يفضي إلى قرارات مهنية غير صائبة.
وقال الجلواح، في مداخلة له على قناة "روتانا خليجية"، إن على الباحثين عن عمل أن يدركوا جيدًا أهمية البحث والتحقق قبل إرسال السيرة الذاتية لأي شركة، لافتًا إلى أن هذه الخطوة يجب أن تسبق أي قرار بالتقديم.
وأوضح أن معرفة بيئة العمل وثقافة المنشأة ومتطلباتها من البداية تسهم في تجنب الكثير من المشكلات لاحقًا، كما أنها تساعد المتقدم على تحديد ما إذا كانت الفرصة تتوافق فعلًا مع تطلعاته ومؤهلاته.
وأضاف الجلواح أن مهارات البحث والتقصي لم تعد ترفًا أو ميزة إضافية في المتقدمين للوظائف، بل باتت مطلبًا جوهريًا يعكس مدى وعي الفرد وجديته في بناء مساره المهني.
وأشار إلى أن من أبرز المؤشرات التي يمكن للمتقدم أن يتحقق منها عند البحث عن جهة العمل، هو الاطلاع على تجارب سابقة لموظفين في ذات الشركة، والبحث في تقييمات بيئة العمل المنشورة على منصات متخصصة.
ولفت إلى أن التعامل الواعي مع الفرص لا يعني التقليل من أهميتها، بل العكس تمامًا، فهو يعكس احترام المتقدم لنفسه أولًا، ثم احترامه لوقت وجهد الطرف الآخر، الذي يتوقع أن يتعامل مع مرشح يعرف لماذا اختار تلك الجهة بالتحديد.
وأكد الجلواح أن العديد من حالات الاستقالات السريعة أو الشعور بعدم الارتياح بعد التوظيف، تعود في الأساس إلى قرار متسرع بالتقديم دون التأكد من توافق الوظيفة مع الشخصية أو الأهداف المهنية.
وبيّن أن التحول الرقمي الحالي، وانتشار منصات التوظيف، جعلا الوصول إلى المعلومات أسهل من أي وقت مضى، ما يعني أن مسؤولية التحقق والبحث تقع اليوم على عاتق الباحث عن العمل بشكل أساسي.
وأفاد بأن السوق السعودي يشهد حاليًا تنوعًا كبيرًا في الفرص الوظيفية والتدريبية، لا سيما مع التوسع في البرامج الداعمة والمبادرات الحكومية الموجهة لتأهيل الكفاءات الوطنية، مثل برنامج "تمهير".
وقال الجلواح إن "تمهير" يعد من أهم البرامج التي توفر فرصًا عملية حقيقية، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، من خلال طرح فرص تدريب منتهي بالتوظيف أو تدريب تمكيني يمنح المهارات المطلوبة.
وأوضح أن الشركات التي تعلن عبر تمهير غالبًا ما تلتزم بضوابط دقيقة، ما يجعل هذه الفرص أكثر موثوقية للمتقدمين الذين يبحثون عن تجربة مهنية ذات جودة، تُسهم في بناء سيرتهم الذاتية.
وأشار إلى أن كثيرًا من الخريجين الجدد يظنون أن الحصول على فرصة تدريبية في تمهير مسألة عشوائية أو قائمة على الحظ، بينما الواقع يؤكد أن الإعداد الجيد والاختيار المناسب يزيدان من فرص القبول بشكل كبير.
ودعا الجلواح إلى اعتبار مرحلة ما قبل التقديم بمثابة "تحقيق مهني شخصي"، ينبغي أن يخوضه كل باحث عن وظيفة بوعي وانفتاح، عبر جمع المعلومات والتفكير في ملاءمة الفرصة للمسار المستقبلي.
وختم حديثه بالإشارة إلى أن التميز في سوق العمل اليوم لا يرتبط فقط بالمؤهل أو الخبرة، بل أيضًا بالذكاء المهني، والقدرة على اتخاذ قرارات محسوبة مبنية على فهم شامل للفرص والتحديات.