إسرائيل تخشى التهديد الإيراني
صدام وشيك؟ مستقبل المنطقة مرهون بمخاوف إسرائيل وإيران
كتب بواسطة: فاتن حامد |

في خضم التصعيد المتزايد بين إسرائيل وإيران، يسلّط خبراء الضوء على التباين الواضح في شعور الطرفين بالمخاطر الوجودية، حيث تُبدي إسرائيل قلقًا عميقًا ومستمرًا حيال ما تعتبره تهديدًا لبقائها، بينما بدأت إيران مؤخرًا فقط في التعامل مع الصراع باعتباره مسألة مصيرية تمس وجودها.

ويؤكد الدكتور لقاء مكي، الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، أن إسرائيل تصنف خلافها مع إيران كصراع وجودي، رغم أن إيران لم تكن ترى الأمر بهذه الطريقة في البداية، مشيرًا إلى أن هذا التحول في الموقف الإيراني جاء نتيجة تراكم التوترات، وتصاعد العدوان الإسرائيلي، مما دفع طهران إلى إعادة النظر في طبيعة التهديد.

ويرى مكي أن القلق الإسرائيلي ينبع من اعتقاد راسخ بأن امتلاك إيران، أو أي دولة في الشرق الأوسط، للسلاح النووي من شأنه أن يضع مستقبل إسرائيل على المحك، إذ تعتبر نفسها كيانًا حديث النشأة وسط محيط معادٍ قد ينهي وجودها بسرعة، بينما تمتلك إيران عمقًا حضاريًا وتاريخيًا يمنحها ثقة بأنها قادرة على تجاوز الصراعات وإعادة إنتاج نفسها.

وفي السياق ذاته، يوضح الدكتور مهند مصطفى، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن إسرائيل بدأت مخاوفها من البرنامج النووي الإيراني، ثم تطورت هذه المخاوف لتشمل القدرات الصاروخية الإيرانية، قبل أن تعتبر أن النظام الإيراني نفسه يمثل تهديدًا وجوديًا لها، في تحول يعكس مدى ارتباك المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وقلقها المتنامي من النفوذ الإيراني في المنطقة.

وأشار مصطفى إلى أن إسرائيل ربطت في السنوات الأخيرة بين المشروع النووي الإيراني وبقاء النظام في طهران، وهو ما يفسر إصرارها على تقويض قدرات إيران النووية بأي ثمن، لأن هذا المشروع بات يُختزل في نظر تل أبيب كعامل يحدد مصير الدولة العبرية.

وتعكس هذه القراءة التحليلية كيف أن الشعور بالتهديد الوجودي لا ينفصل عن طبيعة الدولة وهويتها وسرديتها التاريخية، إذ تميل إسرائيل إلى تبني خطاب الهشاشة والتفوق العسكري في آن واحد، بينما ترى إيران نفسها كقوة إقليمية متجذرة لا يمكن اقتلاعها بسهولة، ما يجعل الصراع بين الطرفين ليس فقط عسكريًا أو نوويًا، بل صراعًا على الوجود والتاريخ والشرعية.