في أجواء صيفية تتجاوز فيها درجات الحرارة الأربعين، وتلهب الرياح الحارة أجواء الأحساء، بدأ موسم الرُّطب مبكرًا هذا العام، إذ تسارعت وتيرة نضوج الثمار بسبب الظروف المناخية، ما أدى إلى تقاطر مختلف أنواع الرطب في الأسواق بشكل لافت، في مشهد سنوي ينتظره الأهالي ويحتفي به عشاق الطعم الحساوي الأصيل.
الرطب الأحسائي، المعروف بجودته العالمية وتنوع أصنافه، بدأ يزين الأسواق والمجمعات التجارية ونقاط البيع في المحافظة، وسط إقبال متزايد من المتسوقين الذين يترقبون موسم النضج كل عام، لما تحمله هذه الثمار من نكهة لا تشبه سواها، وهشاشة لا تجدها في أي مكان آخر.
أول الأنواع التي ظهرت كان رُطب "الطيار"، تبعه سريعًا "المجناز" ثم "الغر"، تلاها "الخنيزي"، فيما تنتظر الأسواق تدفق بقية الأصناف مثل "الخلاص"، "الشيشي"، "الزّاملي"، و"أم إرحيم"، وهي أسماء ارتبطت في أذهان الأحسائيين بذكريات الطفولة ومذاقات الصيف الغنية.
المزارع علي بن محمد أكد أن حرارة الجو والرياح اللاهبة عجّلت بنضوج الرطب هذا العام، مما جعل الأصناف تتقاطر على السوق بوتيرة أسرع من المعتاد، مشيرًا إلى أن "الطيار" ينزل بسعر مرتفع عادةً ثم يتراجع بعد أيام، ويُشترى في البداية كبشرى لأهل المنزل، تعبيرًا عن فرحة قدوم الموسم المبارك.
وتُعدّ الأصناف الأولى التي تدخل السوق مثل "الطيار"، "المجناز"، و"الخلاص"، من أجود أنواع الرطب، لما تتمتع به من طراوة ونضارة ومذاق استثنائي، وغالبًا ما تُباع الكميات بسرعة بسبب الإقبال الكبير عليها، ويتحدد سعرها بناءً على الكمية المعروضة ومدى توافرها في الأسواق المحلية.
من جهة أخرى، أوضح حبيب محمد، أحد المتسوقين، أن موجة الحر الشديدة والرياح الساخنة ساهمت في إنضاج الرطب قبل أوانه، ما أدى إلى توفره مبكرًا في الأسواق، وأضاف أن نوع "الخلاص" يحتل مكانة خاصة في قلوب الكثيرين، كونه يتميز بنكهة مميزة وطعم يجمع بين الحلاوة والتوازن.
ومع تزايد كميات الرطب في الأسواق، توقع أحمد المحمد، وهو أحد المتعاملين في بيع الرطب، انخفاضًا تدريجيًا في الأسعار، نتيجة وفرة المعروض وخشية البائعين من تلف المنتج بسبب استمرار درجات الحرارة المرتفعة، والتي قد تُفسد الثمار إذا لم تُباع سريعًا.
ويمثل موسم الرطب في الأحساء أكثر من مجرد حدث زراعي، فهو جزء من الثقافة والتراث المحلي، وفرصة لتعزيز التواصل الاجتماعي بين الأسر والأصدقاء، حيث تُهدى صواني الرطب وتُقام الموائد العامرة بأطيب الأنواع، ويستمر الموسم حتى تنضج جميع الأصناف، في تتابع طبيعي ينظمه مناخ المنطقة ويحتفي به سكانها عامًا بعد عام.