بدأت المملكة العربية السعودية في استقبال أولى طلائع حجاج بيت الله الحرام القادمين من خارج البلاد لأداء مناسك حج 1446هـ، حيث استُقبلت الوفود الأولى عبر منفذ البطحاء الحدودي، وسط استعدادات مكثفة وخدمات متكاملة سخرتها مختلف الجهات الحكومية لخدمة ضيوف الرحمن، ويعد هذا المنفذ البري أحد أهم النقاط الحيوية التي تربط المملكة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويشهد كثافة كبيرة خلال موسم الحج من كل عام، نظراً لموقعه الاستراتيجي وتوافد أعداد كبيرة من الحجاج عبره.

وتعكس الاستعدادات المنفذة في منفذ البطحاء التزام المملكة بتقديم أعلى معايير الخدمة للحجاج منذ لحظة دخولهم إلى أراضيها، وقد تم تجهيز المنفذ بكافة الإمكانيات الفنية والبشرية، مع تنسيق عالي المستوى بين الجهات الأمنية والصحية والدعوية، بما يضمن تجربة دخول سلسة وآمنة للحجاج، كما تم دعم المنفذ بكوادر متعددة اللغات تسهيلاً للتواصل مع الحجاج من مختلف الجنسيات، إلى جانب توفير مرشدين ودعاة للإجابة عن تساؤلاتهم الدينية وتقديم النصح والإرشاد حول أداء المناسك.

من ضمن الخدمات المقدمة، وفرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد مجموعة كبيرة من المواد التوعوية والإرشادية، التي توزَّع على الحجاج فور دخولهم، وشملت هذه المواد كتيبات ومطويات مترجمة بعدة لغات تتناول خطوات الحج، المحظورات، والأدعية المأثورة، بالإضافة إلى توفير تطبيقات إلكترونية تساعد الحجاج على تنظيم تنقلاتهم ومعرفة مواقيت أداء المناسك بدقة، وهذه الجهود تأتي في إطار حرص الوزارة على رفع مستوى الوعي الديني والفقهي لدى الحجاج، وضمان التزامهم بأداء شعائرهم وفق ما نصت عليه الشريعة الإسلامية.

وبالإضافة إلى الجهود الدعوية، حرصت الجهات الصحية على تجهيز المنفذ بكافة الاحتياجات الطبية اللازمة، حيث تم إنشاء عيادات ميدانية تقدم خدمات إسعافية وطبية أولية للحجاج القادمين، وتعمل الفرق الصحية على مدار الساعة لفحص الحجاج، والتأكد من استيفائهم للاشتراطات الصحية المعتمدة، بما في ذلك تلقي اللقاحات اللازمة، والكشف المبكر عن أي أعراض معدية، وتندرج هذه الإجراءات ضمن خطة المملكة للوقاية من الأمراض والحفاظ على صحة وسلامة ضيوف الرحمن خلال تنقلاتهم.

ويُعد منفذ البطحاء مثالاً حياً على التكامل بين الأجهزة الحكومية في تطبيق خطة الحج لهذا العام، حيث تم ربط كافة العمليات بمنظومة رقمية تتيح تتبع حركة الحجاج والتأكد من اكتمال بياناتهم عبر المسارات الرسمية، كما تم دعم المنفذ بكاميرات مراقبة وأنظمة تفتيش إلكتروني لضمان انسيابية الدخول مع مراعاة أعلى معايير الأمن والسلامة، بما يتماشى مع خطط المملكة لتحقيق موسم حج ناجح وخالٍ من العوائق التنظيمية أو الأمنية.

من جهته، عبر عدد من الحجاج عن سعادتهم الغامرة بالاستقبال الحافل والتنظيم العالي الذي وجدوه عند وصولهم إلى المملكة، مشيدين بحفاوة الترحاب، والخدمات المقدمة، وحُسن المعاملة من قبل العاملين في المنفذ، وأكدوا أن المملكة نجحت في ترسيخ صورتها كقبلة للمسلمين من خلال ما توليه من اهتمام بالغ لتيسير أداء شعيرة الحج، وهو ما ترك انطباعاً إيجابياً عميقاً لدى الحجاج.

وفي سياق متصل، أوضحت وزارة الحج والعمرة أن هذه الجهود تأتي امتداداً لرؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تسهيل وتطوير تجربة الحج والعمرة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وأكدت أن التوسع في استخدام الحلول التقنية ورفع كفاءة المنافذ البرية والجوية والبحرية، يساهم بشكل كبير في تنظيم تدفقات الحجاج، والارتقاء بجودة تجربتهم من لحظة قدومهم وحتى مغادرتهم.

مع انطلاق موسم الحج لهذا العام، يتضح أن المملكة عازمة على المضي قدمًا في تقديم نموذج فريد في إدارة الحشود وخدمة الزوار، انطلاقاً من واجبها الديني والإنساني تجاه الحجاج، ويظل منفذ البطحاء واحدًا من النماذج المضيئة التي تُظهر حجم الجهد المبذول والتفاني في خدمة الإسلام والمسلمين، والذي سيكون له بالغ الأثر في إنجاح الموسم وتحقيق تطلعات القيادة الرشيدة في تقديم أفضل تجربة حج ممكنة للعالم الإسلامي.