السياحة السعودية تفرض غرامات تصل إلى مليون ريال للمخالفين
السياحة السعودية تفرض غرامات تصل إلى مليون ريال للمخالفين
كتب بواسطة: ليلى فهد |

أقرت المملكة العربية السعودية تعديلات شاملة على لائحة المخالفات والجزاءات المتعلقة بالأنشطة السياحية، في خطوة تستهدف تعزيز جودة الخدمات المقدمة، ورفع كفاءة القطاع، وضمان التزام مقدمي الخدمات السياحية بالمعايير المهنية والتنظيمية المعتمدة، وشملت هذه التعديلات رفع سقف الغرامات المالية إلى مليون ريال سعودي، في حال ارتكاب مخالفات جسيمة تمس أمن السياح أو تؤثر على سلامة الخدمات المقدمة، وهو ما يعكس توجه الدولة نحو تنظيم أكثر صرامة وتحقيق مستويات أعلى من الجودة في أحد أهم القطاعات الاقتصادية الواعدة.

وتأتي هذه التعديلات في وقت تشهد فيه المملكة نموًا مطردًا في الحركة السياحية، سواء على صعيد السياحة الداخلية أو الخارجية، مدفوعة برؤية السعودية 2030 التي تضع القطاع السياحي ضمن أولوياتها التنموية، باعتباره أحد البدائل المستدامة لدعم الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل، ولضمان استمرار هذا النمو، أكدت الجهات التنظيمية أن التعديلات الجديدة تهدف إلى تعزيز موثوقية البيئة السياحية وتوفير تجربة متكاملة للزوار، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.

وبحسب اللائحة الجديدة، فإن العقوبات لا تقتصر فقط على الغرامات المالية، بل تشمل أيضًا إيقاف التراخيص وإغلاق المنشآت المخالفة مؤقتًا أو دائمًا، بالإضافة إلى التشهير العلني بحق الجهات المخالفة، خاصة في حال تكرار المخالفة أو الإضرار المتعمد بالزوار، وتضمنت التعديلات تصنيفًا دقيقًا للمخالفات وفق درجتها وخطورتها، مما يتيح تطبيق الجزاءات بشكل مرن وعادل يتناسب مع طبيعة المخالفة وتأثيرها على القطاع السياحي ككل.

وتغطي اللائحة المعدلة مختلف أنواع الأنشطة السياحية، بما في ذلك مرافق الإيواء السياحي، والمرشدين السياحيين، وشركات تنظيم الرحلات، ووكالات السفر، والمنشآت الترفيهية، والمواقع التاريخية والتراثية، كما أولت اهتمامًا خاصًا بضمان التزام هذه الجهات بإجراءات السلامة، وتقديم معلومات دقيقة وواضحة للسياح، ومنع أي ممارسات تضليلية أو استغلالية، قد تؤثر على ثقة الزائر وجودة تجربته.

من جهة أخرى، أكدت وزارة السياحة أن هذه الخطوة تعكس جديتها في الارتقاء بمستوى الخدمات وتعزيز التنافسية في القطاع، حيث باتت بيئة السياحة السعودية تتطلب التزامًا أكبر من كافة الأطراف المعنية لضمان الاستدامة وجودة الأداء، وأشارت الوزارة إلى أن هذه التعديلات تمت بناء على دراسات ميدانية ورصد دقيق للشكاوى والتحديات التي واجهها الزوار خلال السنوات الماضية، بهدف معالجة الثغرات وتعزيز الرقابة المؤسسية.

وتسعى الوزارة، من خلال هذه الإجراءات، إلى دعم الكيانات الملتزمة وتوفير بيئة تنظيمية تحفز الجودة والابتكار، عبر خلق توازن واضح بين الضبط والتمكين، حيث سيتم مكافأة المنشآت التي تلتزم بالمعايير بجوائز تحفيزية وتسهيلات إضافية، فيما ستُطبَّق العقوبات بصرامة على كل من يتعمد الإخلال بمسؤولياته أو يقدم خدمات دون المستوى المطلوب.

ولتحقيق أقصى درجات الشفافية، أطلقت الوزارة منصة إلكترونية تتيح للسياح تقديم بلاغات فورية عن المخالفات التي يتعرضون لها، مدعومة بخدمة متابعة آلية للملاحظات والشكاوى، كما تم تدريب فرق رقابية ميدانية لمباشرة أعمال التفتيش والتدقيق في كافة مناطق المملكة، بما يضمن تنفيذ اللائحة بشكل فعال على أرض الواقع، وتعتزم الوزارة أيضًا تنفيذ حملات توعوية تستهدف العاملين في القطاع لتعريفهم بالتعديلات الجديدة وضرورة الامتثال لها.

في ظل هذه التعديلات، يتضح أن المملكة تتجه بثبات نحو ترسيخ بيئة سياحية مستدامة ومحفزة للاستثمار، تضع الزائر في قلب أولوياتها، وتحمي سمعه القطاع من أي تجاوزات فردية قد تسيء إلى الصورة العامة، ويُنتظر أن تسهم هذه الخطوة في رفع مستوى التنافسية، وتعزيز موقع المملكة كوجهة عالمية مفضلة للسياحة، من خلال ترسيخ معايير الانضباط والجودة في كل ما يتعلق بتجربة السائح داخل المملكة.