في خطوة تُجسّد التزام المملكة العربية السعودية بتحقيق مستهدفات رؤية 2030 وتنويع مصادر الدخل الوطني، أعلن صندوق الاستثمارات العامة بالشراكة مع شركة "Hyundai Motor" الكورية عن وضع حجر الأساس لأول مصنع متكامل للسيارات تابع للشركة في المملكة، وذلك ضمن مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية.
ويُعد هذا الإنجاز محطة محورية في مسيرة توطين الصناعات المتقدمة، وتعزيز القدرات التصنيعية للمملكة في أحد أبرز القطاعات الحيوية عالميًا.
المصنع الجديد سيبدأ عمليات الإنتاج الفعلي في الربع الرابع من عام 2026، بطاقة سنوية تصل إلى 50 ألف سيارة، تشمل سيارات بمحركات الاحتراق الداخلي وأخرى كهربائية، مما يمنح السوق السعودي والخليجي خيارات تصنيع محلية بمعايير عالمية.
ويأتي هذا المشروع ثمرة شراكة بدأت في ديسمبر 2020، حين أطلق صندوق الاستثمارات العامة مبادرته لتطوير قطاع تصنيع السيارات، ليُسهم في نقل التقنية والمعرفة، وتحفيز سلسلة الإمداد المحلية، وجذب كبار المصنعين العالميين نحو السوق السعودي.
ويُجسّد هذا المشروع نهجًا تكامليًا بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، حيث تولى وزير الصناعة والثروة المعدنية، معالي الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريف، قيادة ملف الشراكة الإستراتيجية مع مجموعة "Hyundai"، بإدارة العلاقة المباشرة مع الشركة الكورية، وتوحيد جهود الجهات ذات العلاقة لضمان تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة.
وأسهم المركز الوطني للتنمية الصناعية، الذي يرأس معالي الوزير مجلس إدارته، بدور محوري في المحادثات الأولية لاستقطاب "Hyundai"، وتفعيل الشراكة مع الصندوق السيادي السعودي، وصولًا إلى توقيع مذكرة التفاهم في ديسمبر 2022 لإنشاء المصنع الجديد.
المشروع يأتي تتويجًا لعلاقة ممتدة لأكثر من أربعة عقود بين المملكة وشركة "Hyundai"، بنت خلالها الأخيرة سمعة قوية في السوق السعودي، حتى باتت تمتلك ثاني أكبر حصة سوقية في المملكة.
واستمرارًا لهذا التعاون، زار معالي الوزير الخريف مقر شركة "Hyundai Motor" في كوريا الجنوبية في ديسمبر 2023، حيث التقى كبار مسؤولي الشركة لمناقشة مراحل تنفيذ الاتفاقية، وسبل بناء مصنع يتميز بأعلى مستويات الأتمتة والتقنيات الذكية في خطوط الإنتاج.
ولا تقتصر أهمية المشروع على التصنيع فقط، بل يمتد تأثيره ليشمل الاقتصاد الكلي للمملكة، إذ من المتوقع أن يُسهم بنحو 18.7 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2045، إضافة إلى خلق فرص عمل نوعية وتعزيز سلاسل التوريد المحلية.
كما يُدعم المصنع أهداف الاستراتيجية الوطنية للصناعة، خاصة في ما يتعلّق بتعزيز المحتوى المحلي وتوطين الصناعات ذات التقنية العالية، إذ ستعمل هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية شريكًا إستراتيجيًا لضمان دمج السيارات المصنعة محليًا ضمن منظومة المشتريات الحكومية.
المصنع الجديد ينضم إلى منشآت عالمية مثل "لوسيد موتورز" و"سير"، ضمن مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات، الذي يُعد منصة وطنية واعدة لجذب 3 إلى 4 من كبار مصنّعي السيارات، بطاقات إنتاجية تصل إلى أكثر من 300 ألف مركبة سنويًا، ضمن بيئة تصنيعية متكاملة تسهّل الربط بين الإنتاج المحلي والأسواق الإقليمية والعالمية.
ويواصل صندوق الاستثمارات العامة أداءه كمحرك تنموي فعّال، من خلال استثمارات نوعية تركز على تطوير قطاعات استراتيجية غير نفطية، تماشيًا مع رؤية القيادة الرشيدة في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
ومن خلال هذه الشراكة مع "Hyundai Motor"، يعزز الصندوق دوره في تمكين قطاع السيارات، ويدفع عجلة التنافسية الصناعية في المملكة، واضعًا الأسس لصناعة وطنية قوية تسهم في رفد الصادرات ورفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي.
هذا الإنجاز الجديد يؤكد أن المملكة تمضي بثبات نحو تعزيز مكانتها العالمية كمركز صناعي متقدّم، قادرة على استقطاب أكبر الشركات، وبناء شراكات تحقق قيمة اقتصادية مضافة، وتنقل المعرفة، وتدفع عجلة التنمية نحو آفاق جديدة.