حسم نادي الهلال السعودي مسألة بقاء نجمه الدولي سالم الدوسري داخل أسوار النادي الأزرق، بإعلانه الرسمي عن تجديد عقد اللاعب حتى عام 2027، في خطوة تعكس المكانة الكبيرة التي يتمتع بها الجناح الأيسر على المستويين الفني والتسويقي، لكن ما أثار الاهتمام أكثر من مدة العقد هو القيمة المالية الضخمة التي حصل عليها اللاعب، والتي جعلته الأعلى أجرًا بين اللاعبين السعوديين على الإطلاق، في سابقة تؤكد التحول العميق الذي تشهده كرة القدم السعودية في الحقبة الجديدة من الاحتراف والاستثمار في المواهب المحلية.
وبحسب التقارير الصادرة عن مصادر مقربة من إدارة الهلال، فإن سالم الدوسري سيحصل بموجب العقد الجديد على راتب سنوي يصل إلى 30 مليون ريال سعودي، أي ما يعادل قرابة 8 ملايين دولار أمريكي، هذه القيمة لا تشمل الحوافز والمكافآت المرتبطة بالبطولات أو الإنجازات الفردية، ما يعني أن إجمالي العوائد المالية للدوسري قد يتجاوز هذا الرقم في حال تحقيق الفريق لمزيد من البطولات المحلية أو القارية.
هذا التجديد يأتي تتويجًا لمسيرة طويلة بدأها اللاعب مع الهلال في عام 2011، حيث أثبت خلالها جدارته بأن يكون أحد الركائز الأساسية للفريق، وكان حاضرًا في معظم المحطات الحاسمة التي مر بها الزعيم، من التتويج بالدوري السعودي إلى حصد لقب دوري أبطال آسيا مرتين، بالإضافة إلى مشاركته البارزة مع المنتخب السعودي في كأس العالم 2018 و2022، وتسجيله أحد أشهر أهداف الأخضر في المونديال أمام الأرجنتين.
اختيار الهلال للاستثمار بهذا الحجم في لاعب محلي مثل الدوسري يحمل دلالات كبيرة، من بينها الثقة في موهبته والتزامه، بالإضافة إلى كون اللاعب يمثل رمزًا للاستقرار الفني، وهو ما تحتاجه الأندية الكبرى في ظل التقلبات التي تطرأ على سوق الانتقالات، لا سيما بعد الطفرة الأخيرة التي شهدها الدوري السعودي من حيث استقطاب النجوم العالميين، وبقاء الدوسري بهذا الراتب يعزز أيضًا صورة الهلال كنادٍ يقدر أبناءه ويكافئهم على الولاء والتميز.
ورغم تلقيه عددًا من العروض الخارجية من أندية خليجية وأوروبية، فضّل الدوسري البقاء في صفوف الهلال، وهو ما يُحسب له على صعيد الاحترافية والانتماء، فقرار اللاعب لم يكن ماليًا فقط، بل يعكس قناعة فنية وارتباطًا وجدانيًا مع النادي الذي صقل موهبته وجعله واحدًا من أبرز الأسماء في الكرة السعودية، هذه المعادلة بين الولاء والمكافأة المالية تضيف بعدًا جديدًا إلى عقلية الاحتراف في المملكة.
أرقام اللاعب في الموسم الماضي تعزز مكانته داخل الفريق، حيث شارك في أكثر من 45 مباراة، سجل خلالها ما يزيد على 25 هدفًا، وقدم عددًا كبيرًا من التمريرات الحاسمة، ما جعله من أكثر اللاعبين تأثيرًا في نتائج الهلال على الصعيدين المحلي والآسيوي، وهذه الأرقام، إضافة إلى الأداء الثابت والمتطور، منحت إدارة النادي ثقة مطلقة في استمراره ضمن المشروع الفني للفريق لسنوات قادمة.
ومن منظور استراتيجي، يمثل هذا العقد الجديد خطوة مهمة ضمن خطة الهلال الرامية إلى تأمين استمرارية العناصر الأساسية في الفريق، خصوصًا في ظل تزايد المنافسة محليًا وآسيويًا، فمع وجود نجوم عالميين على غرار نيمار وكوليبالي وميتروفيتش، لا يمكن تجاهل أهمية الحفاظ على التوازن بين الأسماء الأجنبية والمحلية، ويُعد سالم الدوسري أحد أهم من يمثلون هذا التوازن.
إدارة الهلال من جهتها، رأت في التجديد لسالم خطوة تحصينية لمستقبل الفريق، وهي بذلك ترسل رسالة مزدوجة: الأولى لجماهيرها بأنها حريصة على بقاء رموزها، والثانية لبقية اللاعبين المحليين بأن النادي لا يتردد في تقدير أي لاعب يثبت التزامه وأداءه، كما أن العقد يمنح الفريق استقرارًا فنيًا يمكن البناء عليه في المواسم القادمة، ويمنح اللاعب دافعًا للاستمرار في تقديم أفضل ما لديه.
المشهد العام يشير إلى أن الهلال لا يكتفي فقط بجلب النجوم من الخارج، بل يحرص أيضًا على الحفاظ على هويته الفنية من خلال دعم نجومه المحليين، وسالم الدوسري، بهذا العقد الجديد، لا يُعتبر مجرد لاعب، بل بات نموذجًا للاعب السعودي المحترف الذي يجمع بين الموهبة والولاء والطموح، ما يجعله مصدر إلهام لجيل جديد من اللاعبين في المملكة.