أعلنت الأمانة العامة للجان الفصل في منازعات ومخالفات التأمين، صدور قرارات نهائية بإلغاء تراخيص عددٍ من شركات التأمين العاملة في السوق السعودي، بعد استنفاد مراحل التقاضي النظامية، وأوضحت الأمانة أن هذه القرارات جاءت بناءً على مخالفات جسيمة ارتكبتها تلك الشركات، ما استوجب تطبيق العقوبات المنصوص عليها في الأنظمة ذات العلاقة، وبما يحفظ استقرار قطاع التأمين ويعزز من موثوقيته لدى المتعاملين.
وقد نشرت الأمانة العامة قائمة بأسماء الشركات التي تم إلغاء تراخيصها بشكل رسمي ونهائي، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار حماية حقوق المؤمن لهم والمستفيدين، ومنع الممارسات التي قد تخلّ باستقرار السوق، أو تمسّ بحقوق المتعاملين فيه، كما أكدت أن قرارات الإلغاء نُفذت بعد استكمال جميع الإجراءات النظامية، بما فيها إتاحة الفرصة لتلك الشركات لتقديم دفوعها القانونية ومراجعة أوضاعها خلال فترة التقاضي.
وبيّنت الأمانة أن الإلغاء لا يتم إلا بعد التحقق من وقوع مخالفات جوهرية تتعلق بمخالفة اللوائح التنظيمية، أو عدم الالتزام بالمتطلبات المالية، أو وجود عجز في حقوق حملة الوثائق، أو ممارسات تضر بالعملاء والمستفيدين، وشددت على أن الجهات الرقابية لا تتساهل في القضايا التي تتصل بأمان السوق المالي ومصالح المتعاملين، وتحرص على تطبيق العقوبات بحزم متى ما ثبت وقوع المخالفة وفق الأدلة والمستندات.
وأكدت الأمانة أن هذه القرارات تُعد نافذة ولا تقبل الطعن، نظرًا لأنها صادرة عن جهات قضائية مختصة ومرتبطة بمخالفات تم توثيقها وتحقيقها على مدى فترة زمنية امتدت لعدة أشهر أو سنوات، وأشارت إلى أن اللجان القضائية التأمينية تُراعي في قراراتها الجوانب الفنية والقانونية، وتعتمد في أحكامها على تقارير فنية محايدة من قبل الجهات الرقابية المختصة، بما فيها البنك المركزي السعودي "ساما"، الذي يتولى الرقابة والإشراف على قطاع التأمين.
وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه قطاع التأمين السعودي مراجعات تنظيمية عميقة تهدف إلى رفع كفاءة السوق وزيادة مستوى الشفافية والامتثال، وتسعى الجهات المنظمة إلى ضمان تقديم خدمات تأمينية بجودة عالية وتحت مظلة شركات مرخصة وملتزمة، ما يعزز ثقة العملاء في القطاع ويشجع على نموه وتطوره وفق المعايير العالمية، وقد أطلقت ساما في السنوات الأخيرة مبادرات تهدف إلى تحفيز الاندماجات، وتقوية الملاءة المالية للشركات، وتحقيق التنافسية العادلة.
وفي ظل ما أظهرته بعض الشركات من ممارسات مخالفة، أكدت الأمانة أن هذه القرارات هي رسالة واضحة لكل الجهات العاملة في السوق بأن الامتثال للوائح والتشريعات ليس خيارًا، بل التزامٌ أساسيٌ لضمان البقاء والاستمرارية، ودعت الشركات الأخرى إلى أخذ هذه التجارب بعين الاعتبار، والعمل على تصحيح أوضاعها، وتطوير نماذج الحوكمة وإدارة المخاطر لديها، بما يتماشى مع تطورات السوق وتوقعات العملاء.
كما شددت الأمانة على أهمية دور الجمهور في الإبلاغ عن أي ممارسات غير نظامية قد تلاحظ في سوق التأمين، مؤكدة أن التعاون بين الجهات التنظيمية والمستفيدين يُشكل خط الدفاع الأول ضد أي ممارسات ضارة قد تهدد سلامة السوق أو تؤثر على مصالح المؤمن لهم، وأشارت إلى أن قنوات التواصل متاحة للجميع لتقديم البلاغات والملاحظات، وأنها تُعطى أولوية في المتابعة والدراسة.
يُذكر أن قطاع التأمين في المملكة يُعد من القطاعات الحيوية التي تحظى باهتمام تنظيمي متزايد، نظرًا لما له من دور محوري في حماية الأفراد والممتلكات، وتوفير شبكة أمان للمخاطر في مختلف القطاعات، وتعمل الجهات المعنية باستمرار على تطوير الأنظمة والتشريعات بما يضمن الاستقرار المالي، ويعزز قدرة القطاع على النمو والتوسع بشكل مستدام.