أكدت المديرية العامة للدفاع المدني أن موسم حج هذا العام يسير حتى الآن دون تسجيل أي حوادث تذكر أو مسببات تشكّل خطرًا على سلامة الحجاج، مشيرة إلى أن ذلك يأتي بفضل الخطط التكميلية الدقيقة والتقنيات الحديثة التي تم توظيفها في المشاعر المقدسة منذ انطلاق الموسم، ويعكس هذا الإنجاز مدى الجاهزية التي تتمتع بها أجهزة الطوارئ، والقدرة على استباق الأحداث والتعامل الوقائي مع كل ما قد يهدد سير شعائر الحج بسلاسة وأمان.
وأوضح المتحدث الرسمي للدفاع المدني أن الجهات المعنية تعمل وفق منظومة تنسيقية دقيقة بين مختلف القطاعات الميدانية، تعتمد على خرائط للمخاطر المحتملة تم إعدادها مسبقًا بناءً على تحليلات سابقة وتجارب ميدانية متراكمة، وأضاف أن غرفة العمليات المركزية المرتبطة مباشرة بمواقع تمركز الوحدات الميدانية تتابع على مدار الساعة حركة الحجاج، وتستجيب فورًا لأي مؤشرات يمكن أن تتطور إلى حالات طارئة.
وشدد الدفاع المدني على أن الفرق الميدانية المنتشرة في منى وعرفات ومزدلفة، وكذلك في الطرق المؤدية إلى الحرم المكي، تعمل بشكل تكاملي مع فرق المسح الوقائي والدوريات الراجلة والمتحركة، مما يسهم في رصد أي سلوك أو وضع قد يتسبب في وقوع حوادث، والتعامل معه قبل تفاقمه، وأشار إلى أن العنصر البشري تم تأهيله على أعلى مستوى من التدريب، إضافة إلى اعتماد وسائل حديثة في المراقبة والتحكم ساعدت في رفع كفاءة الاستجابة وتقليل زمن التدخل.
ومن أبرز التقنيات التي اعتمدتها المديرية هذا الموسم، الطائرات بدون طيار “الدرونز” المزودة بكاميرات حرارية وتقنيات تصوير ليلية، إلى جانب أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تراقب الكثافات البشرية وتحلل تدفق الحشود وتُصدِر إنذارات فورية في حال رُصدت مؤشرات ازدحام غير طبيعي، كما ساهمت تلك التقنيات في تحسين أداء فرق الدعم والتدخل السريع، وضمان الانتقال السلس بين مواقع المشاعر من دون تعطيل للحركة أو التأثير على انسيابية الشعائر.
وأشار الدفاع المدني إلى أن غياب مسببات الحوادث لا يعني الاكتفاء أو التراخي، بل يدفع إلى مزيد من الحذر واستمرار الجاهزية القصوى طوال فترة بقاء الحجاج في المشاعر، وشدد على أن جميع الخطط الموضوعة تخضع للتقييم والتعديل اللحظي بناءً على ما يرد من تقارير ميدانية وتحليلات فورية، مؤكدًا أن المرونة في التنفيذ كانت من العوامل الأساسية في الوصول إلى هذا المستوى من السيطرة.
وفي إطار الجهود الوقائية، نفذت الفرق المختصة في الأيام الماضية جولات تفتيش مكثفة على مساكن الحجاج ومخيماتهم، حيث تم التأكد من تطبيق كافة اشتراطات السلامة، والتخلص من المواد القابلة للاشتعال، وضبط أجهزة الطهي غير المصرح بها، إضافة إلى إجراء تدريبات محاكاة لسيناريوهات الطوارئ المحتملة بهدف قياس جاهزية الاستجابة السريعة لكافة الفرق المشاركة، وقد ساعد هذا النهج الاستباقي في تفادي وقوع أي حوادث مرتبطة بسلوكيات غير آمنة.
كما تم تفعيل خطط الطوارئ المشتركة بالتعاون مع وزارة الصحة والهلال الأحمر السعودي ووزارة الحج والعمرة، إلى جانب جهات أمنية متعددة، لضمان سرعة التعامل مع أي طارئ طبي أو فني قد يحدث أثناء تنقل الحجاج أو تأديتهم للمناسك، ويعمل هذا التنسيق الميداني ضمن منظومة شاملة تدمج بين الخبرة المتراكمة والتقنيات المستحدثة والجاهزية البشرية العالية.
وأثنى الدفاع المدني في ختام بيانه على التزام الحجاج بالتعليمات الوقائية والإرشادات الأمنية، والتي ساهمت بدورها في دعم جهود الوقاية، داعيًا إلى مواصلة التعاون من الجميع، والالتزام بالتوجيهات التي تصدر عبر القنوات الرسمية لضمان استكمال موسم الحج بأقصى درجات الأمان والسلامة، وأكد أن السلامة الشاملة تظل أولوية لا يمكن التفريط فيها، وأن النجاحات الحالية ثمرة لتكامل عمل مؤسسي تقوده الدولة بخطط مدروسة وإمكانات ضخمة وفرق متفانية.