في ضربة أمنية جديدة تستهدف حماية ضيوف الرحمن من محاولات النصب والاحتيال، أعلنت دوريات الأمن بالعاصمة المقدسة عن تمكنها من القبض على ثلاثة مقيمين من الجنسيتين البنجلاديشية والميانمارية، وذلك بعد تورطهم في تنفيذ عمليات احتيالية عبر إعلانات وهمية مرتبطة بموسم الحج.
ووفقًا لما أفادت به الجهات الأمنية، فقد استغل الجناة منصات التواصل الاجتماعي للترويج لحملات حج زائفة ادعوا من خلالها تقديم خدمات السكن والنقل داخل المشاعر المقدسة، في محاولة لإغراء الحجاج واستدراجهم بوعود مضللة.
ولم تقتصر جرائم المتهمين على تقديم عروض وهمية فقط، بل تجاوزت ذلك إلى تزوير بطاقات "نسك حاج" وأساور الحجاج الرسمية، وهي أدوات تستخدمها الجهات المختصة لتوثيق وتصنيف الحجاج داخل المشاعر.
هذه التصرفات التي تنطوي على تحايل ممنهج وخداع مباشر لجموع الحجاج، كانت تهدف إلى تحقيق مكاسب مالية غير مشروعة، على حساب قدسية المناسك وسلامة التنظيمات الرسمية التي وضعتها الدولة لضمان موسم حج آمن ومنظم.
وتحركت دوريات الأمن بناءً على رصد دقيق ومتابعة مستمرة لمخالفات إلكترونية مشبوهة، ما مكّن الفرق الميدانية من تتبع الجناة وضبطهم متلبسين بعد نشرهم للإعلانات الكاذبة، وقيامهم بترويج مستندات وأدوات مزورة للحج.
وبعد استيفاء إجراءات الضبط الأولية، تم إيقاف المتهمين رسميًا، مع مباشرة الجهات المختصة اتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم، حيث أُحيلوا إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات واتخاذ ما يلزم بحقهم قانونيًا.
وتأتي هذه الواقعة لتسلّط الضوء من جديد على خطورة الحملات الوهمية التي تنتشر مع اقتراب موسم الحج، مستهدفة الحجاج الراغبين في أداء الفريضة دون الالتفات إلى قنوات الحج الرسمية التي تنظمها الجهات المعنية.
وقد شهدت السنوات الماضية تزايدًا في استخدام الفضاء الرقمي لنشر مثل هذه الإعلانات، ما يدفع بالأجهزة الأمنية إلى تطوير أدوات رصدها وتعقبها، للحفاظ على أمن وسلامة الحجاج من أي تلاعب أو استغلال.
وفي هذا السياق، شدد الأمن العام على أهمية تعاون المواطنين والمقيمين في التصدي لهذه الممارسات الاحتيالية، داعيًا إلى ضرورة الالتزام التام بالأنظمة والتعليمات التي تنظم موسم الحج.
وتُعد هذه الدعوة بمثابة تحذير صريح من مغبة الانسياق وراء الإعلانات المجهولة أو التعامل مع جهات غير معتمدة، خاصة في ظل تزايد محاولات التحايل التي تظهر قبيل كل موسم حج، مستهدفة الاستفادة من الحماس الشعبي والرغبة الجارفة لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام.
ويُذكر أن المملكة العربية السعودية، ممثلة في وزارة الحج والعمرة والجهات الأمنية ذات العلاقة، تواصل جهودها المكثفة لضمان موسم حج منظم وآمن، سواء من خلال التشديد على إجراءات التصاريح الرسمية، أو عبر مراقبة الحملات والمؤسسات المنظمة للرحلات، فضلًا عن المراقبة الإلكترونية الدقيقة التي تستهدف رصد أي محاولات للعبث أو التزوير.
وقد لاقت هذه الجهود إشادة واسعة من مختلف الأطياف داخل المجتمع، لما تتركه من أثر في تعزيز الثقة بالإجراءات الرسمية، والحفاظ على قدسية الشعائر من أي تجاوزات فردية أو جماعية تهدد أمن وسلامة الحجاج.
ومع قرب انطلاق موسم الحج لهذا العام، تتزايد المسؤولية المجتمعية في مواجهة هذه المحاولات المشبوهة، ما يجعل من التوعية المستمرة، والتفاعل الواعي مع التحذيرات الرسمية، حجر الزاوية في حماية الحجاج والمجتمع من الوقوع فريسة لمثل هذه العصابات.