في خطوة دبلوماسية جديدة تؤكد على التزام المملكة العربية السعودية بدعم القضية الفلسطينية، وصل صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية، اليوم إلى العاصمة الأردنية عمّان، وذلك للمشاركة في اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، والتي تُعقد لبحث التطورات المتسارعة في قطاع غزة، وتوحيد المواقف العربية والإسلامية لدعم الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في القطاع.
وتأتي مشاركة المملكة في هذا الاجتماع الوزاري رفيع المستوى ضمن مسار متواصل من التحركات السياسية والإنسانية التي تقودها السعودية، تحت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – في سبيل وقف نزيف الدم الفلسطيني، وكسر الحصار المزدوج الذي تفرضه آلة الحرب والواقع الإنساني القاسي في غزة.
ويُنتظر أن يناقش الاجتماع الذي تستضيفه العاصمة الأردنية آليات تنفيذ القرارات الصادرة عن القمة العربية الإسلامية غير العادية، والتي عُقدت في الرياض في نوفمبر الماضي، وشكّلت حينها موقفًا موحدًا حازمًا ضد استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، مؤكدًا على ضرورة التحرك الدولي لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي والإنساني.
وتُعد اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة أداة دبلوماسية فاعلة، تضم عددًا من وزراء الخارجية العرب والمسلمين، مهمتها تنسيق الجهود السياسية والإعلامية والإنسانية، والتواصل مع القوى المؤثرة على المستوى الدولي للضغط من أجل وقف العدوان، وفتح ممرات إنسانية آمنة، وضمان وصول المساعدات إلى المدنيين المتضررين في القطاع.
ويحمل وزير الخارجية السعودي في مشاركته في هذا الاجتماع رسالة واضحة تعكس موقف المملكة الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، والداعي إلى وقف فوري للعدوان، ورفض سياسات العقاب الجماعي التي يتعرض لها سكان القطاع، فضلًا عن التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في السياسة السعودية الخارجية.
وتأتي هذه التحركات في ظل تزايد التحديات الإنسانية في قطاع غزة، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من أوضاع معيشية كارثية، نتيجة الحصار المستمر، ودمار واسع في البنى التحتية، ونقص حاد في المواد الغذائية والطبية، في وقت لا تزال فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية مستمرة منذ عدة أشهر، وسط إدانات عربية ودولية متواصلة.
وكانت السعودية قد أطلقت عدة مبادرات إنسانية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني، شملت إرسال قوافل طبية وغذائية، وفتح جسر جوي لتوصيل المساعدات إلى المناطق المنكوبة، فضلًا عن التحركات السياسية المكثفة التي قادتها المملكة في مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتؤكد مشاركة سمو وزير الخارجية اليوم في الاجتماع أن المملكة لا تزال في طليعة الدول الداعمة للفلسطينيين، سواء على المستوى السياسي أو الإغاثي، وتعمل بكل الوسائل الممكنة لتوحيد الكلمة العربية والإسلامية تجاه واحدة من أكثر القضايا حساسية وإنسانية في المنطقة.
ومن المتوقع أن يصدر عن الاجتماع بيان ختامي يحدد خطوات عملية مستقبلية، ويعبّر عن الموقف العربي والإسلامي الجماعي الرافض لاستمرار التصعيد، ويؤكد على ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته في حماية المدنيين، وإنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية.
وبينما تتواصل الجهود الدبلوماسية على كافة المستويات، يبقى الدور السعودي محوريًا في رسم ملامح الحل السياسي العادل والشامل، الذي يُعيد للقضية الفلسطينية زخمها الدولي، ويضع حدًا للمأساة المستمرة في غزة، ويمنح شعوب المنطقة بارقة أمل في مستقبل تسوده العدالة والاستقرار والسلام.