في خطوة تعكس مرونة التنظيم واستدامة الجهود المبذولة في خدمة ضيوف الرحمن، فُتح المجال مباشرة لأداء العمرة عقب انتهاء موسم الحج، وهو ما اعتبره عدد من المختصين دلالة واضحة على نجاعة الأداء واحترافية التخطيط.
الكاتب المتخصص في شؤون الحج والعمرة، أحمد حلبي، أكد أن هذا القرار أتى في توقيت مثالي، واستفاد منه القادمون من خارج المملكة بشكل فوري، ما أتاح لهم فرصة أداء مناسك العمرة وسط أجواء منظمة وهادئة.
وأوضح حلبي، خلال مداخلة مع قناة "الإخبارية"، أن استمرار خدمات العمرة عقب الحج مباشرة، دون أي فاصل زمني طويل، هو مؤشر على أن المنظومة التشغيلية تعمل بكفاءة عالية وتحت إدارة ميدانية ذات خبرة.
ولفت إلى أن استقبال المعتمرين مباشرة بعد موسم الحج ليس بالأمر الهيّن، خصوصًا في ظل التحديات اللوجستية التي ترافق ختام موسم الحجاج، إلا أن الجهات المعنية نجحت في تخطي هذه العقبة بثبات ومرونة.
وأشار إلى أن من أبرز ما حفّز الراغبين في أداء العمرة بعد الحج هو الصورة الإيجابية التي خرج بها موسم الحج هذا العام، بما في ذلك التنظيم الدقيق وغياب بعض الظواهر السلبية التي كانت تؤرق الحجاج سابقًا.
من بين تلك الظواهر التي اختفت، كما يقول حلبي، مشهد الافتراش الذي كان يشكّل مصدر قلق للجهات المنظمة، وقد لوحظ هذا العام اختفاؤه بشكل شبه تام، ما يعكس التزام الحجاج بالتعليمات وتفعيل الحلول البديلة بكفاءة.
واعتبر أن هذا التحول التنظيمي، الذي يبرز بشكل جلي في المشاعر المقدسة، لم يأتِ مصادفة، بل هو نتاج خطة متكاملة اعتمدت على تقنيات حديثة وإدارة بشرية عالية التأهيل، إلى جانب وعي الحجاج أنفسهم.
وشدّد على أن الخدمات التي تقدمها المملكة لضيوف الرحمن باتت اليوم لا تتوقف عند موسم الحج فحسب، بل أصبحت تغطي كامل العام من خلال فتح المجال للعمرة طوال الأشهر، مع الحفاظ على ذات الجودة في التنظيم والرعاية.
وأضاف أن قرار فتح العمرة مباشرة بعد الحج يعكس رسالة واضحة مفادها أن الاستعدادات لم تعد ترتبط بموسم معين، بل أصبحت ثقافة مؤسسية دائمة تتعامل مع الزحام والوفود بكفاءة دون كلل أو ارتباك.
وبيّن أن سهولة الإجراءات، وسلاسة التنقل، وانسيابية الحشود، لعبت دورًا رئيسيًا في دفع المزيد من المسلمين حول العالم للقدوم وأداء العمرة، مطمئنين إلى جاهزية المملكة لاستقبالهم دون عقبات.
كما أشار إلى أن هذا التطور الملحوظ في منظومة الحج والعمرة يؤكد أن المملكة تضع خدمة الزائرين على رأس أولوياتها، وتعمل على تحسين كل التفاصيل، بدءًا من التأشيرة وحتى مغادرة المعتمر أو الحاج بعد أداء المناسك.
وأكد أن استمرار تدفق المعتمرين بعد الحج لا يخلق عبئًا إضافيًا، بل يعبّر عن مدى الجاهزية والإمكانات الكبيرة التي باتت تملكها المؤسسات المعنية بشؤون الحرمين.
وذكر أن فتح العمرة مباشرة بعد الحج، لم يكن فقط قرارًا تنظيميًا، بل يحمل أيضًا بعدًا نفسيًا وروحيًا، إذ يبعث برسالة طمأنة إلى المسلمين في العالم بأن أبواب الحرمين لا تغلق، وأن خدمة الزائرين لا تعرف موسمية.
وختم حديثه بالتأكيد على أن التجربة السعودية في إدارة موسم الحج لهذا العام ستظل نموذجًا يُحتذى، وستشكّل أساسًا لتعزيز ثقة المعتمرين القادمين من الخارج، وهو ما بدأت آثاره تظهر سريعًا مع تدفق الزائرين بعد انتهاء المناسك.