في أجواء من الإيمان والسكينة، أكملت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي استعداداتها لاستقبال ضيوف الرحمن في المسجد النبوي الشريف بعد أدائهم لمناسك الحج، بمنظومة متكاملة من الخدمات الرفيعة المستوى، بهدف إثراء تجربتهم الإيمانية والمعرفية منذ لحظة وصولهم وحتى مغادرتهم إلى أوطانهم سالمين بإذن الله. وتأتي هذه الاستعدادات في إطار رسالة المملكة العربية السعودية المستمرة في خدمة الحرمين الشريفين، وتجسيدًا لحرص القيادة الرشيدة على تقديم أفضل الخدمات لزوار المسجد النبوي.
وقد سخّرت الهيئة كافة إمكانياتها التشغيلية والميدانية لضمان راحة الزائرين وسهولة تنقلهم داخل المسجد النبوي وساحاته. فقد كثفت جهودها في مجالات فرش السجاد الفاخر، وتوفير مياه زمزم المباركة في أماكن متفرقة، إلى جانب خدمات التطييب والتعطير التي تبث الأجواء الروحانية في كل أرجاء المسجد.
كما وفرت الهيئة عربات الجولف التي يستفيد منها أكثر من عشرة آلاف زائر يوميًا، مما يسهم في تسهيل حركة التنقل، لا سيما لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي إطار العناية بالتنظيم وإدارة الحشود، تولي الهيئة اهتمامًا خاصًا بتيسير زيارة الروضة الشريفة، التي تشهد إقبالًا كثيفًا من الزائرين، حيث يُعد الدخول إليها حلمًا يراود أفئدة الملايين من المسلمين حول العالم.
وقد عملت الفرق المختصة على وضع خطط دقيقة تضمن انسيابية الحركة وتنظيم صفوف الدخول والخروج، بالتنسيق مع الجهات الأمنية والخدمية داخل المسجد النبوي، بما يحفظ الأمن والسلامة والطمأنينة لكل زائر.
من الناحية التقنية والخدمية، لم تغفل الهيئة عن ضمان جاهزية أنظمة التكييف، والإضاءة، والصوت، بما يهيئ بيئة تعبّدية هادئة تساعد الزائرين على الخشوع والتركيز في عباداتهم. وتمت صيانة وتحديث هذه الأنظمة بشكل دوري استعدادًا لاستقبال هذه الأعداد الكبيرة من الزوار بعد موسم الحج.
وتولي الهيئة جانب التجربة الإنسانية والعائلية اهتمامًا كبيرًا، إذ أطلقت حزمة من الخدمات الموجهة خصيصًا للعائلات، منها مراكز الخدمة الشاملة التي تُعنى بتقديم المساعدة الفورية للزائرين، ومراكز ضيافة الأطفال التي تتيح للأسر أداء عباداتهم بطمأنينة، في ظل وجود بيئة آمنة وترفيهية لأطفالهم داخل الحرم.
كما تم تخصيص خدمات متكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن، من خلال ممرات ميسّرة، وعربات تنقل، وفرق مساعدة مدربة، بما يضمن راحة هذه الفئات وتقدير احتياجاتهم الخاصة.
ولم تغفل الهيئة عن الجانب التوعوي والمعرفي، فاعتمدت على أحدث الوسائل الرقمية لبث الرسائل الإرشادية والتثقيفية عبر شاشات عرض موزعة داخل الحرم وساحاته، وكذلك من خلال قنوات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت نافذة فاعلة للتفاعل مع الزوار وتقديم المعلومات والإرشادات بلغات متعددة، مما يسهم في رفع مستوى الوعي لدى الزائرين، ويعزز من تجربتهم داخل المسجد النبوي.
وتُشكل هذه الخدمات المتنوعة لوحة متكاملة من الجهد والعناية، التي تقوم بها الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بالتنسيق والتكامل مع مختلف القطاعات الأمنية والخدمية والإنسانية العاملة في المدينة المنورة، لتقديم تجربة استثنائية تضيف إلى روحانية الحج لحظة خاصة في رحاب المسجد النبوي، حيث يحل السكينة وتفيض الدموع أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وتعكس هذه الجهود الحثيثة التزام المملكة برسالتها العظيمة في خدمة الحرمين الشريفين، وتُبرز حجم التطوير المتواصل في منظومة الخدمات، بما يتماشى مع تطلعات رؤية المملكة 2030، التي تضع جودة الحياة، وتحسين تجربة الزائر، في مقدمة أولوياتها.
فليس المقصود فقط تيسير الحركة وتوفير الخدمات، بل تقديم تجربة متكاملة تجمع بين الروحانية، والراحة، والعناية الإنسانية، تليق بضيوف الرحمن وتخلّد في ذاكرتهم كواحدة من أجمل محطات حياتهم الإيمانية.