في تطور قضائي مثير قد يُعيد تشكيل ملامح المنافسة في مجال الروبوتات، رفعت شركة "تسلا" دعوى ضد أحد مهندسيها السابقين، متهمةً إياه بسرقة أسرار تجارية تتعلق بتكنولوجيا مشروع روبوتها الطموح "أوبتيموس"، وذلك لصالح شركته الناشئة "بروسيبشن"، الدعوى، التي تم تقديمها إلى محكمة اتحادية في كاليفورنيا، سلّطت الضوء على ما وصفته "تسلا" بـ"الخرق الصارخ للثقة والمعلومات المحمية".
المهندس المعني، جاي لي، الذي شغل سابقاً موقعًا حساسًا في فريق تطوير أجهزة استشعار روبوت أوبتيموس، يُشتبه بأنه قام بنسخ ملفات حساسة قبل مغادرته "تسلا" عام 2024، رغم أنه لم يكن حينها يعمل مباشرة على أيدي الروبوت، وهو ما اعتبرته الشركة محاولة ملتوية للالتفاف على سنوات من البحث والاستثمار.
تقول "تسلا" إن المعلومات التي حصل عليها لي مكّنت شركته الجديدة من تحقيق قفزات تطويرية مذهلة في فترة زمنية قصيرة للغاية، مستشهدة بأن "بروسيبشن" أنجزت في بضعة أشهر ما استغرق من "تسلا" أكثر من أربع سنوات ومليارات الدولارات ومئات المهندسين.
ووفقًا لنص الدعوى، فإن الشركة الناشئة بدأت الترويج علنًا لقدرتها على تصنيع أيدٍ روبوتية بعد خمسة أشهر فقط من تأسيسها، في خطوة أثارت الريبة، خاصة وأن الأيدي التي كشفت عنها "بروسيبشن" تحمل تشابهًا واضحًا مع تلك التي طوّرتها "تسلا" ضمن مشروع أوبتيموس.
الشركة الأميركية الشهيرة، التي تخوض سباقًا عالميًا لتطوير روبوتات تشبه البشر وتعمل بالذكاء الاصطناعي، أكدت في أوراقها القانونية أنها استثمرت موارد ضخمة، ووصفت جهودها بـ"الاستثنائية"، لتطوير النموذج الأولي من أوبتيموس، معتبرة ما جرى تهديدًا مباشرًا لمكانتها التقنية.
وتشير الوثائق المقدمة للمحكمة إلى أن لي أنشأ شركته "بروسيبشن" بعد ستة أيام فقط من مغادرته "تسلا"، وهي خطوة قالت الأخيرة إنها تُعزز من الشبهات حول النوايا المسبقة والدوافع الحقيقية وراء مغادرته.
وفي الوقت الذي لم تُفصح فيه "تسلا" عن قيمة التعويض المالي الذي تطالب به، إلا أنها أوضحت سعيها للحصول على أمر قضائي يمنع لي وشركته من استخدام أي معلومات أو تقنيات مصدرها تسلا، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
كما ألمحت "تسلا" إلى أن هذه القضية لا تقتصر على نزاع تجاري، بل تمس جوهر المنافسة الشريفة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت البيانات الحساسة وملفات التطوير هي رأس المال الأهم في حلبة الابتكار.
وتتزامن هذه القضية مع تغيّرات كبيرة في فريق تطوير أوبتيموس داخل "تسلا"، إذ كانت الشركة قد شهدت في وقت سابق مغادرة عدد من القيادات ضمن المشروع، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول استمرارية الرؤية الخاصة بالروبوت.
ويرى بعض المراقبين أن هذه القضية قد تكون مقدمة لمعارك قانونية أوسع بين شركات التكنولوجيا الناشئة والكبرى، خاصة في ظل تسارع سباق الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته الآخذة في التوسع، سواء في السيارات أو الروبوتات أو أدوات التشغيل الذكي.
"تسلا"، التي بدأت مسيرتها في تصنيع السيارات الكهربائية، أصبحت اليوم لاعبًا رئيسيًا في مجالات متعددة تتجاوز السيارات، ما يجعل أي تسريب أو خرق معلوماتي يمثّل تهديدًا استراتيجيًا لمشروعاتها المستقبلية.
ولم تصدر حتى الآن أي تصريحات رسمية من جانب جاي لي أو شركته "بروسيبشن" للرد على الاتهامات، لكن مراقبين يتوقعون أن تشهد القضية فصولًا قانونية طويلة ومعقدة، قد تسفر عن سابقة قانونية في تعامل الشركات مع موظفيها السابقين في مشاريع الذكاء الاصطناعي.
في حال ثبوت التهم، فقد تمثل هذه القضية إنذارًا صريحًا لكل من يفكر في استغلال أسرار الشركات التكنولوجية العملاقة، كما قد تفتح باباً لإعادة النظر في سياسات حماية الملكية الفكرية داخل الشركات المتقدمة تقنيًا.
أما على الصعيد التجاري، فقد تؤثر هذه القضية سلبًا على صورة "تسلا" أو على استثمارات شركتها الناشئة المنافسة، بحسب تطورات المعركة القانونية، والتي ستظل تحت أنظار الإعلام والمستثمرين خلال الأسابيع المقبلة.