إنجاز طبي سعودي.. تصحيح انحراف الركبة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد
بعد معاناة طويلة من الألم.. كيف نجح فريق طبي سعودي في تصحيح انحراف حاد بركبة مريض باستخدام الهندسة؟
كتب بواسطة: احمد باشا |

سجّل مستشفى الملك فهد الجامعي التابع لجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل إنجازًا طبيًا جديدًا، بعد نجاحه في إجراء عملية دقيقة لتصحيح انحراف في مفصل الركبة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، في سابقة تعكس التقدّم المتنامي للقطاع الصحي في المملكة على صعيد الابتكار الطبي.

وجرى تنفيذ العملية لفائدة مريض يعاني من انحراف شديد في مفصل الركبة، تسبّب له في آلام مزمنة وصعوبات في الحركة، مما أثر بشكل كبير على جودة حياته اليومية. وبعد تقييم الحالة بشكل دقيق، قرر الفريق الطبي التدخل الجراحي باستخدام حلول مبتكرة قائمة على أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الطبية.

واستفاد الفريق الجراحي من تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لتصميم نموذج تشريحي دقيق للركبة المصابة، مما أتاح لهم التخطيط الدقيق للعملية، ومحاكاة خطوات الجراحة مسبقًا، وتحديد الأبعاد والمواقع المثالية للتدخل التصحيحي قبل الدخول إلى غرفة العمليات.

وأوضح الأطباء أن استخدام هذه التقنية مكّنهم من تصحيح الانحراف بدقة متناهية، مع تقليل الأضرار المحتملة للأنسجة المحيطة، وتقليل وقت العملية مقارنة بالجراحات التقليدية، ما ساهم أيضًا في تسريع تعافي المريض ورفع فرص نجاح الجراحة بنسبة كبيرة.

وصرّح الفريق الجراحي المشرف على الحالة أن هذه العملية تمثل نقلة نوعية في جراحات المفاصل، حيث أن الاعتماد على نموذج ثلاثي الأبعاد يمنح الطبيب رؤية واقعية مُسبقة عن تشريح المفصل، مما يخفّض نسبة الأخطاء المحتملة أثناء الجراحة.

وأكد المستشفى أن المريض خضع لبرنامج تأهيلي عقب الجراحة، وتمكن خلال فترة وجيزة من استعادة الحركة تدريجيًا دون أي مضاعفات تُذكر، وهو ما يُعد دليلاً عمليًا على كفاءة التقنية المستخدمة وجودة الرعاية الطبية المقدمة.

ويُعد استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في هذا السياق من التطبيقات النادرة في المنطقة، حيث لا تزال هذه التقنية في طور التوسع عالميًا، إلا أن تبنيها محليًا بهذا المستوى من الاحترافية يعكس الطموح الطبي الوطني في تبني الابتكارات وتحقيق الريادة الصحية.

وأشار الأطباء إلى أن دقة التصميم الثلاثي الأبعاد للجزء المصاب يساعد أيضًا في تقليل الحاجة للتدخلات المستقبلية أو التعديلات الجراحية اللاحقة، مما يرفع من جودة حياة المرضى ويقلل من الأعباء الصحية والمالية في المدى البعيد.

ووجّهت إدارة مستشفى الملك فهد الجامعي شكرها للفريق الطبي والتقني الذي ساهم في نجاح هذه العملية، مؤكدة أن المستشفى يواصل دعمه لمشاريع البحث والابتكار الطبي، لا سيما تلك التي تسهم في تحسين نتائج المرضى والارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة.

كما بيّنت أن هذا النوع من العمليات سيكون متاحًا بشكل أكبر مستقبلاً للحالات التي تستدعي التدخل الجراحي المعقّد، حيث يتم تطوير التعاون بين الأطباء والمهندسين الطبيين لضمان استثمار أفضل للتكنولوجيا في خدمة المرضى

ويُعتبر هذا الإنجاز امتدادًا لمسيرة نجاحات طبية سجلها المستشفى في الفترة الأخيرة، حيث تمكّن من دمج تقنيات متقدمة في مختلف التخصصات الطبية، من ضمنها جراحة العظام، وأمراض القلب، والأورام، والتأهيل الطبي.

ويعكس هذا التقدم تطور البنية التحتية الصحية في المملكة، التي أصبحت تحتضن مرافق طبية متقدمة وقادرة على استيعاب التكنولوجيات الحديثة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 في تحسين جودة الرعاية الصحية وخفض الاعتماد على العلاج في الخارج.

ويُشار إلى أن الطباعة ثلاثية الأبعاد دخلت حيز الاستخدام الطبي في مجالات متعددة، من بينها تصنيع الأطراف الصناعية، وتصميم الأدوات الجراحية، بل وحتى إنتاج نماذج تشريحية لأغراض التعليم والبحث، وهو ما يفتح آفاقًا واسعة لتطوير الطب في المملكة.

ويأتي هذا الإنجاز ليؤكد أن استثمار المملكة في القطاع الصحي بدأ يؤتي ثماره بشكل ملموس، ليس فقط في عدد المنشآت أو الأجهزة الحديثة، بل في الكفاءات السعودية التي باتت قادرة على توظيف هذه التقنيات وإدارتها باحترافية عالية.

وتعمل المؤسسات الصحية والتعليمية في المملكة على دعم البحوث الطبية التطبيقية، وتعزيز الشراكات مع القطاعين التقني والأكاديمي، ما يمهّد الطريق أمام توطين المعرفة الطبية وتوسيع نطاق الخدمات المتخصصة عالية التقنية داخل البلاد.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار