في خطوة جديدة نحو تعزيز التحول الرقمي وتوسيع نطاق الاعتماد على التقنيات الحديثة، أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" برنامجًا متخصصًا يستهدف تمكين الكوادر الحكومية من استخدام أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي بكفاءة ومسؤولية.
البرنامج يُعد أحد المبادرات النوعية التي تسعى "سدايا" من خلالها إلى بناء قدرات بشرية وطنية قادرة على قيادة التغيير الرقمي داخل الجهات الحكومية، بما يواكب مستهدفات المملكة في مجال الابتكار والتقنيات الحديثة.
ويهدف البرنامج إلى تسريع وتيرة التمكين التقني في القطاع الحكومي من خلال تدريب الموظفين على الاستخدام الفعّال للذكاء الاصطناعي، بما ينعكس على تحسين مستوى الأداء وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين على حد سواء.
تركّز المبادرة بشكل أساسي على رفع كفاءة العاملين في الجهات الرسمية، وتزويدهم بالمعرفة العملية والمهارات الضرورية للتفاعل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، بما يشمل التعلّم الآلي، وتحليل البيانات، وهندسة الأوامر التفاعلية.
وتأتي هذه الخطوة في سياق الجهود المتواصلة التي تبذلها "سدايا" لترسيخ مكانة المملكة كمركز رائد في مجال الذكاء الاصطناعي إقليميًا وعالميًا، وتُترجم بوضوح توجه الدولة نحو دعم الاستثمار في القدرات البشرية والتقنية.
ويشمل البرنامج التدريبي مجالات متعددة، تُمكن المشاركين من فهم أساسيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته العملية، إلى جانب التركيز على تطوير قدراتهم في مجالات متقدمة مثل صياغة الأوامر التفاعلية التي تُستخدم في تدريب النماذج اللغوية والروبوتات الذكية.
ويمثل هذا الجانب من التدريب عنصرًا محوريًا في بناء مستقبل الخدمات الحكومية، حيث تُمكن أدوات الذكاء الاصطناعي التفاعلي الجهات من تقديم حلول أكثر تخصيصًا وسرعة، اعتمادًا على قدرة الموظف على التفاعل الذكي مع الأدوات التقنية.
وأكدت "سدايا" أن البرنامج صُمّم ليشمل منسوبي مختلف القطاعات الحكومية دون استثناء، مع مراعاة اختلاف المستويات المعرفية والفنية، وذلك لضمان استفادة أوسع شريحة ممكنة من الموظفين، وتوفير مسار تصاعدي في التعلم والتأهيل.
ويُنتظر أن يسهم البرنامج في إحداث نقلة نوعية في مستوى جاهزية الكوادر الحكومية للتعامل مع تحديات المستقبل الرقمي، ويعزز من قدرة الجهات على تطوير خدماتها من خلال تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي في أنظمتها الداخلية وخدماتها الخارجية.
ويمثل هذا التوجه دعمًا عمليًا لاستراتيجية البيانات والذكاء الاصطناعي الوطنية التي تم إطلاقها سابقًا، والتي تتضمن تمكين أكثر من 20 ألف متخصص في هذا المجال بحلول عام 2030، ورفع مساهمة التقنية في الناتج المحلي.
ويأتي البرنامج في وقت تتزايد فيه أهمية الذكاء الاصطناعي في قطاعات حيوية مثل الصحة، والتعليم، والعدل، والخدمات البلدية، مما يتطلب وجود كفاءات مدرّبة قادرة على التعامل بوعي واحتراف مع هذه التحولات.
وتُعتبر "سدايا" واحدة من أبرز الجهات الحكومية الفاعلة في تطوير المنظومة الرقمية للمملكة، وقد لعبت دورًا محوريًا في إطلاق العديد من المبادرات الرقمية والتطبيقات الذكية التي سهّلت الحياة على الأفراد والمؤسسات خلال السنوات الأخيرة.
ويُتوقّع أن يفتح البرنامج آفاقًا جديدة أمام الجهات الحكومية لتوظيف الذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات، واتخاذ القرارات، وتقديم خدمات مبتكرة تعزز من رضا المستفيدين وتقلل من الهدر في الموارد والوقت.
وبهذه المبادرة، تؤكد "سدايا" التزامها المستمر ببناء مجتمع معرفي متقدم تقوده البيانات والتقنيات الذكية، وتُعيد التأكيد على أن التمكين البشري هو الخطوة الأولى نحو حكومة رقمية شاملة قادرة على تلبية تطلعات المستقبل.