أعلنت وزارة التعليم في السعودية عن تنظيم جديد يتعلق بآلية التقديم للجامعات الحكومية، حيث أُتيح التقديم لخريجي وخريجات الثانوية العامة من السنوات الخمس الأخيرة فقط، ضمن تحديثات تهدف إلى تحسين جودة القبول وضمان عدالة الفرص بين المتقدمين.
القرار الصادر مؤخرًا من اللجنة الإشرافية للقبول الإلكتروني الموحد، جاء ليحدد نطاق التقديم بشكل واضح، ويمنح الأولوية في القبول للطلاب والطالبات الذين تخرجوا خلال الأعوام الخمسة الماضية، أي منذ العام الدراسي 1441/1442هـ وما بعده.
وفي الوقت ذاته، أتاح القرار استثناءً مشروطًا للطلبة الأقدم من هذا النطاق الزمني، إذ يُمكنهم التقديم في حال توفرت مقاعد شاغرة بعد انتهاء مراحل القبول الأساسية، ووفق ضوابط خاصة تضعها الجامعات، تراعي التخصصات المتاحة واحتياج البرامج الدراسية.
الهدف من التحديث، كما أوضحت الجهات المختصة، هو تعزيز الكفاءة في استخدام المقاعد الجامعية، وتوجيهها لمن هم في المرحلة العمرية الأقرب للدراسة الجامعية، ما يُسهم في خفض نسب الهدر ويزيد من نسب التخرج في الوقت القياسي.
ويُنتظر أن يسهم هذا التحديث أيضًا في تحفيز الطلاب على عدم التأخر في التقديم، وعدم إرجاء الدراسة الجامعية لسنوات طويلة، وهي ظاهرة كانت تخلق ضغطًا على المقاعد وتربك الخطط الاستيعابية في بعض التخصصات.
وتفاوتت ردود الفعل حول القرار الجديد، فبينما أبدى عدد من أولياء الأمور ترحيبهم بهذا التحديد الزمني كونه يحفّز أبناءهم على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة بشأن مستقبلهم التعليمي، أبدى آخرون قلقهم بشأن مصير الطلاب المتأخرين أو الذين تأخرت ظروفهم الخاصة عن الالتحاق المبكر.
الجامعات من جهتها رحّبت بالتحديث، معتبرة أنه يُمكّنها من إدارة عمليات القبول بشكل أكثر مرونة وتنظيمًا، ويُتيح فرصًا أكبر للمفاضلة بين الطلاب بحسب الجدارة الأكاديمية وحداثة التخرج، ما يرفع جودة القبول.
وفي المقابل، شدد مسؤولون في لجان القبول على أن الاستثناء المشروط ما زال يضمن للطلبة الأكبر سنًا أو الأقدم تخرجًا حق المنافسة، لكن بشكل متوازن وعادل بعد استيعاب الفئات ذات الأولوية، مما يحقق التوازن بين الاستيعاب والإنصاف.
وبموجب القرار، فإن الطلاب الذين تخرجوا في أعوام 1440/1441هـ وما قبل ذلك، يمكنهم إدخال بياناتهم ضمن مرحلة "التقديم الاحتياطي" أو عبر التنسيق المباشر مع بعض الجامعات التي تعلن وجود شواغر بعد انتهاء الجولات الأساسية للقبول.
وأشار مختصون إلى أن هذا التوجه يعكس سعي وزارة التعليم لتقنين وتنظيم عملية القبول ضمن التحول المؤسسي الأوسع في المنظومة الجامعية، خاصة مع انتقال عدد من الجامعات إلى نظام الاستقلالية الإدارية والمالية الذي يمنحها مزيدًا من الصلاحيات في تحديد شروطها الداخلية.
ويتماشى القرار مع توجهات رؤية المملكة 2030، في دعم التعليم العالي وربط القبول الجامعي بالجاهزية المهنية وسوق العمل، حيث تهدف الخطة إلى تخريج طلاب بجودة أعلى وفي أوقات أقصر، وتقليل سنوات التوقف أو الانقطاع عن الدراسة بعد الثانوية.
القرار يضع أيضًا حدًا لبعض الإشكالات التي ظهرت في الأعوام الماضية، منها تقدم طلاب بعد سنوات طويلة من التخرج، ما يتطلب برامج تأهيلية إضافية، ويستهلك موارد إضافية على حساب طلاب أكثر حداثة وجاهزية أكاديمية.
ورغم أن القرار قد يبدو صادمًا للبعض في بدايته، إلا أن إتاحته لفرصة "الاستثناء المشروط" تعكس توازنًا واضحًا في التطبيق، حيث يظل الباب مفتوحًا للجميع، لكن وفق أولويات مدروسة تضمن الفاعلية وتحترم محدودية المقاعد والإمكانات.
في المجمل، يعكس هذا التنظيم الجديد رغبة الوزارة في تحديث سياسات القبول بما يتماشى مع متغيرات العصر، ويضمن توجيه الدعم للشرائح الأكثر احتياجًا وقدرة على الاستفادة، مع الإبقاء على مساحة مرنة للتعامل مع الحالات الخاصة والمنقطعين.