محطة الفضاء الدولية تستقبل تجارب علمية من شباب السعودية
محطة الفضاء الدولية تستقبل تجارب علمية من شباب السعودية
كتب بواسطة: فهد احمد |

في إنجاز جديد يعكس طموحات المملكة نحو استكشاف الفضاء ودعم البحث العلمي، أعلنت الهيئة السعودية للفضاء عن إطلاق تجارب علمية ضمن مشروع "الفضاء مداك" إلى محطة الفضاء الدولية، وذلك في إطار مسابقة علمية وطنية شجعت الطلاب والباحثين على تصميم تجارب مبتكرة تُنفّذ في بيئة الفضاء الخارجي.

وجاءت هذه الخطوة كأحد مخرجات مبادرة وطنية تهدف إلى ترسيخ ثقافة البحث العلمي والتفكير الابتكاري في المجتمع التعليمي، من خلال إتاحة الفرصة للطلاب لإرسال أفكارهم وتجاربهم العلمية إلى مدار الأرض، والعمل جنبًا إلى جنب مع علماء ومختصين في علوم الفضاء.

وتعد مسابقة "الفضاء مداك" إحدى المبادرات التفاعلية التي أطلقتها الهيئة بالتعاون مع شركاء تعليم وتقنية، لتعزيز إشراك الطلاب في مجالات علوم الفضاء والفيزياء الحيوية والهندسة الفضائية، وقد شهدت المسابقة إقبالًا واسعًا من المشاركين من مختلف مناطق المملكة، وخصوصًا من الفئة العمرية بين 13 إلى 18 عامًا.

وقد مرت التجارب الفائزة بمراحل تقييم دقيقة، بإشراف لجان علمية متخصصة راعت المعايير الدولية للتجريب الفضائي، إلى جانب جدوى التطبيقات المقترحة، وإمكانية تنفيذها في بيئة تنعدم فيها الجاذبية، بما يجعل نتائجها ذات قيمة علمية مضافة.

وبحسب الهيئة، فإن التجارب التي تم اختيارها تركز على موضوعات تتعلق بتأثير بيئة الفضاء على الكائنات الدقيقة، وسلوك المواد، والخواص الفيزيائية للسوائل، وغيرها من الظواهر التي يصعب دراستها بدقة في ظروف الجاذبية الأرضية، ما يجعل محطة الفضاء الدولية موقعًا مثاليًا لها.

وأوضحت الهيئة السعودية للفضاء أن هذه التجارب تم تجهيزها وفق معايير تقنية صارمة، بالتعاون مع مختبرات بحثية وجهات دولية، لضمان سلامتها وصلاحيتها للتنفيذ داخل المحطة الفضائية، كما تم تدريب رواد الفضاء المعنيين على آلية إجراء التجارب ومتابعة بياناتها لحظة بلحظة.

ويأتي هذا المشروع ضمن استراتيجية المملكة للارتقاء بموقعها في مجال البحث الفضائي، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى تعزيز الاقتصاد المعرفي، ودعم الابتكار المحلي، وتوسيع آفاق مشاركة الشباب في الصناعات المستقبلية.

وقد حظي إطلاق التجارب باهتمام محلي ودولي، كونه يشكل نموذجًا فريدًا على إشراك الطلاب في مشاريع علمية ذات بُعد عالمي، ويؤكد أن الاستثمار في العقول الشابة هو المفتاح لبناء اقتصاد قائم على الابتكار والتقنية المتقدمة.

ويُتوقع أن تفتح نتائج هذه التجارب آفاقًا جديدة للبحث العلمي، وتُسهم في تطوير تطبيقات في مجالات الطب، والزراعة، والصناعات الدقيقة، خاصة وأن التجريب في بيئة فضائية يسمح بملاحظة تأثيرات غير مرئية أو مختلفة عن الأرض، وهو ما يجعل من هذه التجارب مادة بحثية غنية.

وأكدت الهيئة أن التجارب ستُتابع بشكل مباشر عبر قنوات اتصال فضائي، وسيتم تحليل نتائجها بالتعاون مع باحثين في عدد من الجامعات المحلية والدولية، كما ستُعرض لاحقًا في فعاليات علمية داخل المملكة، لتسليط الضوء على أثر هذا المشروع في تطوير مهارات الطلاب.

ومن أبرز الأهداف التي تسعى الهيئة لتحقيقها من خلال هذا النوع من المبادرات، هو بناء جيل علمي قادر على التعامل مع تحديات المستقبل، وتكوين قاعدة معرفية وطنية تواكب التطورات المتسارعة في علوم الفضاء واستكشاف الكواكب والأنظمة النجمية.

وحرصت الهيئة أيضًا على توثيق الرحلة من لحظة تجهيز التجارب إلى إطلاقها، وذلك عبر محتوى تعليمي وتوثيقي سيتم نشره للمدارس والمراكز التعليمية، بهدف إلهام الطلاب وتحفيزهم على المشاركة في النسخ القادمة من المسابقة، وتعزيز روح الاستكشاف لديهم.

وقد عبر عدد من الطلاب المشاركين عن فخرهم باختيار تجاربهم لتُجرى على متن محطة الفضاء الدولية، معتبرين أن ذلك يُعد تتويجًا لجهودهم العلمية، ودافعًا قويًا لمواصلة البحث والتطوير في المجالات العلمية الدقيقة، وصولًا إلى المساهمة في إنجازات وطنية كبرى.

ويمثل مشروع "الفضاء مداك" مثالًا حيًا على أهمية ربط التعليم بالعلوم التطبيقية، وتحويل المناهج الدراسية من محتوى نظري إلى تجارب عملية تُنفذ في بيئات متقدمة، ما يعزز من مستوى الفهم ويُمهّد لبناء كفاءات وطنية في تخصصات الفضاء.

وتؤكد الهيئة السعودية للفضاء التزامها بمواصلة دعم مثل هذه المبادرات، وتوسيع نطاقها لتشمل شرائح أوسع من الطلاب في المستقبل، مع العمل على عقد شراكات بحثية دولية تُسهم في تطوير القطاع الفضائي الوطني، وتعزز من حضوره في الساحة العالمية.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار