في ظل تنامي الهجمات الإلكترونية وتزايد محاولات الاحتيال المالي على الأفراد والمؤسسات، أعلنت الجهات الأمنية في المملكة العربية السعودية عن خطوات مبسطة للإبلاغ عن عمليات الاحتيال المالي، خصوصًا تلك التي تستهدف البطاقات المصرفية من نوع "مدى"، عبر منصة "أبشر" الإلكترونية، التي أصبحت اليوم بوابة موحدة لتقديم الخدمات الحكومية بكل سهولة وسرعة.
وأوضح الأمن العام، عبر منشور رسمي على منصة "إكس"، أن أي مواطن أو مقيم تعرّض لعملية احتيال مالي باستخدام بطاقته المصرفية، يمكنه الآن رفع بلاغ رسمي إلكترونيًا دون الحاجة إلى زيارة المراكز الأمنية أو تقديم شكوى ورقية، مما يسهم في تسريع إجراءات المتابعة والتعامل مع الجناة المحتملين في وقت قياسي.
وتبدأ خطوات الإبلاغ بالدخول إلى منصة "أبشر" عبر الحساب الشخصي للمستخدم، وهو الإجراء الأول والأساسي الذي يتيح الوصول إلى مختلف الخدمات الإلكترونية المفعلة على المنصة، والتي تشمل خدمات الأمن العام، وخدمات المرور، والجوازات، وغيرها من الجهات الحكومية ذات الصلة.
وبعد تسجيل الدخول، يتم التوجه إلى خيار "خدماتي"، حيث تتفرع هذه الخانة إلى عدة أقسام، من ضمنها قسم "الأمن العام"، الذي يضم خدمة "بلاغات الاحتيال المالي"، وهي الخدمة المختصة باستقبال الشكاوى المتعلقة بعمليات النصب والاحتيال التي تتم عبر الحسابات المصرفية أو بطاقات الدفع الإلكتروني.
ويقوم المستخدم بعد ذلك باختيار "رفع بلاغ جديد"، وهي الخطوة التي تتيح له ملء البيانات المطلوبة حول الحادثة التي تعرّض لها، مع تحديد نوع البطاقة المستخدمة، وشرح تفاصيل الواقعة بشكل دقيق، يشمل توقيت العملية، والمبالغ المسروقة، وأي معلومات إضافية تسهم في تتبع الحادثة والجهة المحتالة.
ويُطلب من المستخدم إدخال تفاصيل المبالغ المالية المتعلقة بعملية الاحتيال، وذلك في حقل مخصص ضمن البلاغ، ما يساعد الجهات المعنية في تقييم مستوى الضرر المالي، وربطه بأنماط النصب المعروفة أو المتكررة، خصوصًا مع انتشار مجموعات احتيالية منظمة تستهدف ضحاياها عبر الإنترنت أو المكالمات الهاتفية.
كما تتضمن خطوات البلاغ إرفاق أي مستندات أو دلائل متوفرة، مثل صور المحادثات، أو رسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية، أو الإشعارات البنكية التي توثق الحوالات أو العمليات غير المصرح بها، حيث تسهم هذه المرفقات في دعم البلاغ بالأدلة، وتسهيل الوصول إلى الجناة المحتملين من قبل الجهات المختصة.
وبعد الانتهاء من إدخال البيانات، يتم استعراض البلاغ كاملًا، والتأكد من دقة المعلومات، قبل تأكيد التعهد بصحة البيانات المُدخلة، ثم الضغط على خيار "إرسال الطلب"، حيث يُحال البلاغ بعد ذلك مباشرة إلى الجهة المختصة في الأمن العام لمتابعته واتخاذ اللازم بشأنه.
وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود المملكة لتعزيز الأمن السيبراني، وحماية الأفراد من جرائم النصب التي باتت تتخذ أشكالًا متعددة، سواء عبر روابط وهمية، أو مكالمات تدّعي أنها من بنوك رسمية، أو رسائل مزيفة تحتوي على أكواد خصم أو جوائز وهمية، وكلها تهدف إلى استدراج الضحية للإفصاح عن بياناته المالية أو المصرفية.
وقد شهدت المملكة خلال السنوات الأخيرة زيادة في البلاغات المرتبطة بعمليات الاحتيال المالي، خاصة مع توسع التعاملات الرقمية وتنامي استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني، ما استدعى تكثيف التوعية الأمنية وتعزيز آليات الحماية، إضافة إلى تسهيل الإجراءات القانونية أمام الضحايا.
ويُعد تمكين الأفراد من رفع البلاغات الإلكترونية خطوة متقدمة نحو تفعيل المشاركة المجتمعية في الحد من الجريمة الرقمية، ورفع مستوى الوعي العام حول كيفية التصرف السريع في حال التعرض لأي محاولة مشبوهة، سواء تمّت عبر الهاتف، أو البريد الإلكتروني، أو وسائل التواصل الاجتماعي.
وتؤكد الجهات الأمنية أن سرعة الإبلاغ عن الاحتيال تمثل عاملًا حاسمًا في استرداد الحقوق، وتعقّب مرتكبي الجريمة قبل تصريف الأموال أو تحويلها عبر شبكات خارجية، مشيرة إلى أن التأخير في تقديم البلاغ قد يقلل من فرص استرجاع المبالغ، أو حتى تعقّب المسار الإلكتروني للجناة.
وفي سياق متصل، دعت الجهات الرسمية إلى ضرورة التحقق من أي جهة تتواصل مع المواطنين وتطلب معلومات مصرفية، مشددة على أن البنوك لا تطلب عبر الهاتف أو الرسائل النصية أي معلومات سرية مثل رقم البطاقة، أو الرقم السري، أو رمز التحقق.
كما نصحت بعدم النقر على أي روابط تصل عبر رسائل مجهولة المصدر، أو إدخال بيانات البطاقة في مواقع غير موثوقة، وضرورة استخدام تطبيقات الحماية على الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، وتفعيل التحقق الثنائي للحسابات البنكية، وغيرها من الوسائل التي ترفع من مستوى الأمان الرقمي.
وتأتي حملة التوعية هذه في إطار رؤية المملكة 2030، التي تضع ضمن أولوياتها التحول الرقمي الكامل للخدمات الحكومية، مع ضمان الحماية الكاملة للمستخدمين من المخاطر الإلكترونية، وتعزيز ثقة المواطنين في استخدام المنصات الرقمية الرسمية.
ورغم الجهود المستمرة في التوعية، لا تزال عمليات الاحتيال المالي تشكّل تهديدًا جديًا، خصوصًا مع تطور وسائل المحتالين، واعتمادهم على تقنيات هندسة اجتماعية معقدة تستهدف الضحية نفسيًا قبل الوصول إلى بياناته، مما يستدعي يقظة مستمرة من المستخدمين، والتعاون الفوري مع الجهات الرسمية عند وقوع أي حادثة.
وتجدر الإشارة إلى أن نظام الجرائم المعلوماتية في المملكة ينص على عقوبات صارمة بحق مرتكبي جرائم الاحتيال المالي، حيث تصل العقوبات إلى السجن لعدة سنوات وغرامات مالية ضخمة، وذلك بهدف ردع من تسوّل له نفسه استغلال التطور التقني في الإضرار بالمجتمع.
ومن جهة أخرى، يعمل الأمن العام بالتعاون مع مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) والبنوك المحلية على تطوير أنظمة كشف الاحتيال المالي، وإيقاف التحويلات المشبوهة بشكل آلي قبل اكتمال العملية، إلا أن وعي المستخدم يظل هو خط الدفاع الأول في مواجهة هذه الجرائم.