أثار انسحاب نادي الهلال السعودي من بطولة كأس السوبر المحلي للموسم الرياضي 2025-2026 ضجة واسعة في الأوساط الرياضية، بعدما كشفت تقارير إعلامية عن خلفيات معقدة ومتداخلة، قد تتجاوز الأسباب الظاهرة المتعلقة بالإرهاق البدني للاعبين، وتصل إلى ارتباط مباشر باسم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي تصدر الأحداث دون أن يشارك فعليًا في أي قرار رسمي معلن.
والهلال كان قد أعلن اعتذاره رسميًا عن خوض البطولة التي تقام في هونغ كونغ، وبرّر موقفه بضغط الجدول الزمني وكثافة المباريات، خاصة بعد مشاركته في كأس العالم للأندية التي أقيمت مؤخرًا، حيث بلغ الفريق الدور ربع النهائي قبل أن يغادر المنافسات على يد نادي فلومينينسي البرازيلي، ما شكل خيبة أمل جزئية لمحبيه.
والبيان الهلالي اكتفى بالإشارة إلى “أسباب فنية وإرهاق بدني”، دون الخوض في تفاصيل دقيقة، وهو ما فتح الباب أمام سيل من التكهنات حول وجود عوامل أخرى غير معلنة، دفعت أحد أكبر أندية آسيا إلى الانسحاب من حدث رياضي يحمل طابعًا تسويقيًا وسياسيًا مهمًا للكرة السعودية في الخارج، ويُعد فرصة لتأكيد القوة الناعمة التي تقودها المملكة عبر الرياضة.
ولكن الشرارة الحقيقية التي فجرّت الموقف جاءت من تغريدة نشرها الناقد الرياضي خالد الربيعان عبر منصة "إكس"، حيث تحدث فيها عن تزامن لافت بين اعتذار الهلال عن البطولة، وافتتاح متحف كريستيانو رونالدو في مدينة هونغ كونغ، مشيرًا إلى أن المتحف سيُفتتح رسميًا في 7 يوليو 2025، أي في الفترة ذاتها التي تنظم فيها البطولة.
والربيعان أوضح أن المتحف يمتد على مساحة تقدر بـ1,100 متر مربع، ويضم أكثر من 40 قطعة نادرة من مسيرة رونالدو، من بينها كرات ذهبية وأحذية ذهبية وصور من طفولته، إضافة إلى معروضات تفاعلية وغرف تقنية حديثة، تجعل الزائر يعيش تجربة استثنائية، وهو ما اعتبره “حدثًا أسطوريًا سيطغى إعلاميًا وجماهيريًا على كل شيء آخر”.
ولمّح الإعلامي السعودي إلى أن إقامة المتحف في هونغ كونغ، بالتزامن مع بطولة السوبر السعودي، قد تكون خطوة مدروسة لرفع قيمة رونالدو التسويقية في آسيا، وتعزيز مكانته النجمية، في سوق كروي تعتبره الأهم بين اللاعبين الأجانب في الدوري السعودي، وهو ما قد يكون – بحسب البعض – أزعج الهلال إداريًا أو خلق نوعًا من الحرج حول تغطية الفعالية بشكل متوازن.
وفي ظل هذا التوقيت الحساس، بات السؤال مطروحًا: هل اعتذر الهلال فعلاً بسبب الإرهاق كما جاء في البيان الرسمي، أم أن هناك تحفظًا ضمنيًا على توجيه البطولة إلى مكان تشهد فيه شخصية كروية أجنبية، مثل كريستيانو رونالدو، كل هذا الزخم في حدث مواكب للمنافسات؟ وهو ما يفسر استغراب البعض من الانسحاب المفاجئ وغير المعتاد من نادٍ بحجم الهلال.
ومن زاوية أخرى، يرى مراقبون أن انسحاب الهلال قد يصب في مصلحة خصومه المحليين، إذ ستترتب عليه تغييرات مباشرة في جدول البطولة، حيث من المتوقع أن يتأهل نادي القادسية مباشرة إلى المباراة النهائية، في حين يتنافس الاتحاد والنصر على البطاقة الأخرى، ما يعزز فرص أحد الفريقين في تحقيق اللقب، وسط غياب الفريق الذي يعد الأوفر حظًا في العادة.
ويضيف البعض أن وجود رونالدو ضمن تشكيلة النصر، والذي يخوض المنافسة دون غريمه الهلال، سيمنحه فرصة ذهبية للتألق في بطولة يشارك فيها للمرة الثانية، خصوصًا أن رونالدو ما زال يحظى بشعبية طاغية في آسيا، وقد يشكّل حضور متحفه حدثًا جماهيريًا يطغى على أجواء البطولة بالكامل، ما قد يسبب توازنًا مقلقًا لبعض الأندية السعودية الكبرى.
وتعكس هذه الأزمة جانبًا من تعقيدات الجدول الكروي السعودي، خاصة بعد الانفتاح الكبير على البطولات القارية والدولية، والانخراط المستمر في بطولات مثل كأس العالم للأندية، ودوري أبطال آسيا، إضافة إلى المباريات التحضيرية والمهرجانات الترويجية، ما يدفع الأندية إلى اتخاذ قرارات قد تكون غير مألوفة، لكنها مرتبطة بالتزامات لا تظهر للعيان.
ولا يُعد انسحاب الهلال سابقة في تاريخ مشاركاته، لكنه يطرح تساؤلات جوهرية حول أولويات الأندية، وما إذا كان التركيز ينصب على البطولات القارية والدولية، أم أن هناك ضغوطًا خارجية أو تجارية تتحكم أحيانًا في القرار الرياضي، خاصة عندما تتقاطع المصالح مع أسماء بحجم رونالدو، الذي تحوّل من لاعب في الدوري السعودي إلى مشروع عالمي متكامل.
والهلال من جانبه لم يصدر أي بيان إضافي بعد إعلان الاعتذار، بينما فضّل الجهاز الإداري والفني الصمت، وواصل الفريق تحضيراته للموسم الجديد، ما زاد من غموض الموقف، وأبقى الباب مفتوحًا أمام تسريبات وتحليلات متضاربة، بعضها يضع كريستيانو في قلب المشهد، وآخرون يروْن أن القصة أبسط مما تبدو عليه، لكنها خرجت عن إطارها الفني.
وفي خضم هذه التكهنات، يواصل الإعلام الرياضي السعودي متابعة المستجدات، في وقت لم تصدر فيه اللجنة المنظمة لبطولة السوبر أي بيان رسمي يوضح الموقف النهائي بعد انسحاب الهلال، ولا كيفية تعويض غيابه بشكل رسمي، وما إذا كانت هناك بوادر لحلول توافقية، أو أن القرار لا رجعة فيه.
وقد تؤدي هذه الأزمة إلى إعادة تقييم آليات اختيار مواقع إقامة البطولات مستقبلاً، خاصة أن الجماهير السعودية تعوّدت على رؤية فرقها تخوض نهائيات قوية داخل وخارج البلاد، دون أن تؤثر العوامل التسويقية على طبيعة المشاركة أو تكافؤ الفرص، ما يجعل المشهد الحالي اختبارًا لمصداقية التنظيم وسلاسة التنسيق بين الأندية والجهات المنظمة.
وتفتح هذه التطورات ملفًا أوسع حول الدور المتنامي للنجوم العالميين في التأثير على قرارات الأندية والاتحادات، خاصة بعد أن تحوّل رونالدو إلى أيقونة تسويقية تتجاوز الحدود الكروية، وسط ترقب مستمر لمفاجآت جديدة قد تشهدها الساحة الرياضية السعودية في ظل هذا الحراك المتسارع.
ورغم كل هذا الجدل، يبقى الجمهور الرياضي هو الأكثر تعطشًا لفهم الحقيقة، في وقت تتضارب فيه الروايات وتغيب التصريحات الرسمية الحاسمة، بينما تظل هوية البطل المقبل للسوبر السعودي مفتوحة على احتمالات كثيرة، لعل أبرزها أن النصر، مدعومًا بنجمه البرتغالي، قد يستغل غياب خصمه اللدود الهلال لتحقيق إنجاز جديد.