في خطوة رائدة نحو تطوير الكفاءات الصحية ورفع مستوى التدريب الإكلينيكي، أعلنت وزارة الصحة السعودية عن إطلاق أول منصة تدريب ذكية من نوعها تحت مسمى "المتدرب"، تهدف إلى رقمنة العملية التدريبية داخل المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لها، ويأتي هذا المشروع ضمن جهود الوزارة لتحسين جودة الخدمات الصحية من خلال الاستثمار في رأس المال البشري وتبني التقنيات الحديثة في التعليم والتطوير المهني المستمر.
وتُمثل منصة "المتدرب" نقلة نوعية في إدارة البرامج التدريبية الصحية، حيث تم تصميمها لتكون بيئة رقمية متكاملة تُتيح للمتدربين، سواء كانوا طلابًا أو ممارسين صحيين، التفاعل مع المحتوى التدريبي، وجدولة الأنشطة، واستلام التقييمات بشكل فوري، إلى جانب الحصول على تقارير مفصلة حول الأداء والتقدم في المسار المهني.
وستُسهم المنصة الذكية في تحسين كفاءة التدريب داخل مستشفيات وزارة الصحة من خلال إدارة دقيقة لمسارات التدريب، وضمان اتساق المخرجات مع الأهداف التعليمية للبرامج المعتمدة، كما تساعد المنصة في تتبع ساعات التدريب العملي والسريري، وتوثيق إشراف المدربين، وربط كل ذلك بأنظمة تقويم مؤسسية تعتمد على مؤشرات أداء واضحة وقابلة للقياس.
ووفقًا لوزارة الصحة، فإن "المتدرب" تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتقديم توصيات مخصصة للمتدربين بناءً على نقاط القوة والضعف الفردية، بما يعزز التجربة التعليمية ويجعلها أكثر كفاءة ومرونة، وتُمكِّن المنصة المشرفين من التدخل المبكر عند الحاجة، وتوفير دعم موجه يعزز من نتائج التدريب ويرفع جودة المخرجات.
كما تعمل المنصة على تسهيل التنسيق بين الجهات التعليمية والمستشفيات، من خلال تكاملها مع الأنظمة الجامعية والصحية، ما يقلل من الازدواجية في الجهد ويوفر بيئة تنظيمية موحدة تُعزز من موثوقية التدريب، وتتيح للمؤسسات التعليمية مراقبة أداء طلابها خلال الفترات التدريبية الميدانية في المستشفيات.
وقد بدأ بالفعل تطبيق المنصة في عدد من المستشفيات النموذجية كمرحلة أولى، على أن يتم التوسع التدريجي لتشمل جميع المرافق الصحية التابعة لوزارة الصحة خلال الأشهر القادمة، وتُشير الوزارة إلى أن المشروع يندرج ضمن مستهدفات التحول الرقمي في القطاع الصحي، ويعكس التزامها بتحقيق التميز في التدريب الصحي، كونه جزءًا لا يتجزأ من جودة الرعاية المقدمة.
ويرى مختصون في التعليم الصحي أن إطلاق منصة "المتدرب" سيُحدث فارقًا كبيرًا في مخرجات التدريب، خاصة في ظل تزايد أعداد المتدربين سنويًا، والحاجة إلى أدوات تقنية قادرة على إدارة هذا الحجم المتنامي بكفاءة، كما أشاروا إلى أن اعتماد أنظمة ذكية في التدريب لا يقل أهمية عن استخدام التقنيات في العلاج والتشخيص، حيث إن جودة المتدرب تنعكس مباشرة على جودة الخدمة الصحية المستقبلية.
يُذكر أن "المتدرب" تأتي ضمن مبادرات وزارة الصحة لدعم "رؤية السعودية 2030" في محور تعزيز التعليم والتدريب، وتحقيق التكامل بين القطاعات المختلفة لرفع جودة الكوادر الوطنية، وتحقيق استدامة الموارد البشرية في القطاعات الحيوية، وعلى رأسها القطاع الصحي الذي يُعد من أهم أولويات التنمية الوطنية.