السعودية تطلق رخصة العمل التطوعي لتنظيم القطاع وتعزيز المشاركة المجتمعية
السعودية تطلق رخصة العمل التطوعي لتنظيم القطاع وتعزيز المشاركة المجتمعية
كتب بواسطة: مختار العسلي |

في خطوة جديدة تعزز من ثقافة العمل التطوعي وتكرّس قيم المشاركة المجتمعية، أطلقت المملكة العربية السعودية مبادرة "رخصة العمل التطوعي"، لتكون أول وثيقة رسمية معتمدة تُمنح للمتطوعين في مختلف المجالات، وتهدف هذه المبادرة إلى تنظيم القطاع التطوعي، ورفع كفاءته، وتحفيز الأفراد على الانخراط في أنشطة تخدم المجتمع، ضمن رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى بناء مجتمع حيوي يعزز من مساهمة المواطنين والمقيمين في التنمية الوطنية.

وتُعد رخصة العمل التطوعي وثيقة رسمية تُمنح للمتطوعين ممن أكملوا عددًا معينًا من الساعات التطوعية المعتمدة لدى المنصات الرسمية، وتُعطي هذه الرخصة المتطوع صفة اعتبارية تعترف بجهوده وخبراته، مما يسهم في توثيق مساهماته المجتمعية بشكل منهجي ومنظم، ويمنحه فرصًا أفضل للانضمام إلى المشاريع التطوعية الرسمية، كما تفتح أمامه آفاقًا جديدة من الفرص التدريبية والتأهيلية المعتمدة.

وتعكس هذه المبادرة توجه الدولة نحو تعزيز البنية التنظيمية للعمل التطوعي، بعد أن شهد القطاع قفزات نوعية في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى عدد المتطوعين أو حجم المبادرات المنفذة أو الأثر المجتمعي الذي تتركه، إذ تشير الإحصاءات الصادرة عن الجهات الرسمية إلى أن عدد الساعات التطوعية ارتفع بشكل ملحوظ، وهو ما يعكس تزايد وعي المواطنين والمقيمين بأهمية المساهمة في الأعمال غير الربحية التي تسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا.

وتعمل رخصة العمل التطوعي كآلية لتصنيف المتطوعين وفقًا لخبراتهم ومجالاتهم التخصصية، مما يساعد الجهات المستفيدة على الاستفادة من الكفاءات المؤهلة، وتوجيه المتطوعين بشكل أكثر فاعلية نحو المهام التي تتناسب مع مهاراتهم، كما أنها تسهم في تقنين العلاقة بين المتطوع والجهة المنظمة، بما يضمن الحقوق والواجبات للطرفين، ويعزز من مهنية العمل التطوعي وتحقيق أثره المرجو.

وتأتي هذه الخطوة في سياق التوجه الوطني نحو الوصول إلى مليون متطوع بحلول عام 2030، وهي من الأهداف الأساسية لرؤية المملكة التي تؤمن بأهمية تمكين الأفراد والمجتمع المدني، وتوفير البيئة الداعمة لمبادراتهم، وقد أطلقت المملكة عددًا من المنصات الرسمية التي تنظم العمل التطوعي وتتيح الفرص للراغبين في المشاركة، مثل "منصة العمل التطوعي" التي أصبحت مركزًا موحدًا لتنسيق الجهود التطوعية وتوثيقها.

وتعد رخصة العمل التطوعي حافزًا كبيرًا للمتطوعين، خاصة من فئة الشباب، إذ تمنحهم شعورًا بالاعتراف الرسمي لما يقدمونه من جهد ووقت، كما يمكن أن تساهم في تعزيز سيرهم الذاتية وفرصهم المستقبلية سواء على الصعيد المهني أو الأكاديمي، وقد بدأت عدد من المؤسسات التعليمية والقطاعات الخاصة في الاعتراف بساعات التطوع كعنصر يُضاف إلى المفاضلات في التوظيف والقبول، ما يعكس مدى تأثير العمل التطوعي كقيمة مضافة للفرد والمجتمع.

وقد لقيت المبادرة تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثير من المتطوعين عن سعادتهم بهذا التوجه، الذي يرونه تقديرًا معنويًا لجهودهم، وتحفيزًا لهم على مواصلة العطاء، كما طالب عدد منهم بتوسيع نطاق الاعتراف بالرخصة لتشمل مجالات أوسع وتُربط بمزايا إضافية، مثل فرص التدريب المتقدمة، أو أولوية في بعض البرامج الحكومية، ما يعزز من أثر المبادرة على المدى الطويل.

وتؤكد الجهات الرسمية أن مبادرة رخصة العمل التطوعي تمثل خطوة في مسار طويل نحو تطوير منظومة التطوع في المملكة، حيث يتم العمل على تطوير معايير دقيقة لتصنيف المتطوعين، وتقديم خدمات رقمية متكاملة تسهل عليهم إدارة سجلاتهم التطوعية، وتوفر لهم فرصًا مستمرة للمشاركة في المبادرات المجتمعية المختلفة، بما يعزز من ثقافة المسؤولية الفردية ويجعل العمل التطوعي جزءًا من الهوية الوطنية السعودية الحديثة.