السعودية تستأنف رحلات الحجاج الإيرانيين للمرة الأولى منذ 2015
السعودية تستأنف رحلات الحجاج الإيرانيين للمرة الأولى منذ 2015
كتب بواسطة: محمد الخوري |

في تطور لافت يعكس تقدم العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في السعودية عن استئناف الرحلات الجوية الخاصة بالحجاج الإيرانيين إلى الأراضي المقدسة، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2015، وهذه الخطوة تأتي بعد سنوات من الانقطاع الذي فرضته التوترات السياسية بين البلدين، وتشكل مؤشرًا على مرحلة جديدة من التعاون في الملفات ذات الطابع الإنساني والديني، وفي مقدمتها خدمة ضيوف الرحمن.

ووصلت أولى الرحلات القادمة من إيران إلى مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة وسط ترحيب رسمي وتنظيم محكم من الجهات المعنية، حيث خُصّصت فرق استقبال وإرشاد لتسهيل إجراءات الدخول، وضمان تقديم أعلى مستويات الخدمة والرعاية الصحية والأمنية للحجاج الإيرانيين، وأكدت هيئة الطيران المدني أن عملية الاستئناف تمت بالتنسيق الكامل مع الجهات المعنية في البلدين، وفي إطار التفاهمات الأخيرة التي شملت جوانب دبلوماسية وإنسانية عديدة.

ويمثل استئناف الرحلات خطوة مهمة ضمن الاستعدادات المبكرة لموسم الحج لهذا العام، والذي يُتوقع أن يشهد حضورًا كبيرًا من مختلف دول العالم، بعد عودة الأعداد إلى مستويات ما قبل الجائحة، ويُعد الحجاج الإيرانيون من بين أكبر الوفود التي تشارك سنويًا في أداء مناسك الحج، وكانت السنوات الماضية قد شهدت تنظيم سفرهم إلى المملكة عبر دول وسيطة، مما زاد من تعقيد التجربة وتكاليفها، قبل أن تعود الرحلات المباشرة هذا العام.

وتشير هذه العودة إلى تغير ملحوظ في مسار العلاقات السعودية الإيرانية، خاصة بعد الاتفاق الذي تم بوساطة صينية لإعادة فتح السفارات وتفعيل قنوات التواصل المباشر، وقد انعكست هذه التفاهمات سريعًا على الملفات الخدمية ذات الطابع الإنساني، وفي مقدمتها تسهيل قدوم الحجاج والمعتمرين، الأمر الذي يعكس رغبة الجانبين في تجاوز مرحلة التوتر وبناء علاقة قائمة على المصالح المشتركة واحترام الخصوصيات الدينية.

وكانت الرحلات الجوية للحجاج الإيرانيين قد توقفت عام 2016 في أعقاب تصاعد الأزمة السياسية بين الرياض وطهران، وما تلاها من قطع للعلاقات الدبلوماسية، مما اضطر الوفود الإيرانية إلى المرور عبر دول أخرى للوصول إلى الأراضي المقدسة، وقد أثّر ذلك على أعداد الحجاج الإيرانيين، كما ألقى بظلاله على الخدمات المقدمة لهم، رغم تأكيد المملكة المستمر على حيادها الكامل في خدمة الحجاج من كل الجنسيات دون تمييز.

وأكدت وزارة الحج والعمرة السعودية من جهتها، أن عودة الرحلات المباشرة للحجاج الإيرانيين تأتي ضمن حرص المملكة على تيسير أداء مناسك الحج لجميع المسلمين دون النظر إلى خلفياتهم السياسية أو الجغرافية، انسجامًا مع الدور التاريخي والقيادي للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين، وشددت على أن الترتيبات الخاصة بالحجاج الإيرانيين ستتم ضمن الأطر التنظيمية الموحدة التي تنطبق على جميع بعثات الحج الرسمية، بما يضمن أعلى معايير السلامة والراحة.

ويُنتظر أن يسهم هذا التطور في تعزيز التواصل بين الشعبين الإيراني والسعودي على المستوى الشعبي، خاصة أن موسم الحج يمثل ملتقى عالميًا فريدًا تتقاطع فيه الشعوب الإسلامية من مختلف المشارب والثقافات، وقد أعرب عدد من الحجاج الإيرانيين، الذين وصلوا في أولى الرحلات، عن سعادتهم البالغة بعودة الرحلات المباشرة، مشيدين بحسن الاستقبال والتنظيم الذي لمسوه فور وصولهم إلى مطارات المملكة.

هذا وتواصل المملكة استعداداتها المكثفة لاستقبال ملايين الحجاج خلال موسم هذا العام، عبر منظومة متكاملة من الخدمات التقنية والرقمية، بالإضافة إلى تطوير البنى التحتية في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، وتؤكد السلطات السعودية أن استئناف الرحلات من إيران يعكس التزامها الثابت بتوفير أفضل بيئة ممكنة لضيوف الرحمن، دون أن تتأثر الخدمات بأي خلافات سياسية، وهو ما جعل المملكة تحظى بتقدير العالم الإسلامي عامًا بعد عام.