توقع محلل الطقس المعروف في السعودية، علي الحربي، أن يشهد صيف هذا العام نشاطًا لافتًا للأمطار الموسمية في عدد من مناطق المملكة، مشيرًا إلى أن المؤشرات المناخية الحالية ترجّح امتداد تأثيرات الأمطار لتشمل نطاقات جغرافية أوسع مما كان معتادًا في السنوات الماضية، خاصة في جنوب وغرب ووسط البلاد.
وأوضح الحربي، في تحليله المبكر الذي نشره عبر منصاته الرسمية، أن النماذج المناخية بعيدة المدى تُظهر إشارات إيجابية على دخول المملكة في دورة مطرية صيفية نشطة، مدفوعة بتداخل عدد من العوامل الجوية، أبرزها تدفق الرطوبة المدارية من بحر العرب، واستجابة الرياح الموسمية الصيفية في القرن الأفريقي وشمال المحيط الهندي، ولفت إلى أن هذا التداخل يصنع بيئة خصبة لتكوّن السحب الركامية وهطول الأمطار الرعدية، لا سيما في المناطق الجبلية والمكشوفة.
وتوقع أن تتركز الأمطار بشكل ملحوظ على مناطق عسير وجازان والباحة والطائف، مع احتمال تمددها تدريجيًا إلى أجزاء من منطقة الرياض ومنطقة مكة المكرمة ومرتفعات المدينة المنورة، وأضاف أن بعض المناطق الشمالية والغربية قد تشهد حالات متفرقة من الأمطار نتيجة نشاط منخفض البحر الأحمر، والذي يُعد من العوامل الجوية المؤثرة خلال هذا الموسم.
وبيّن الحربي أن التوقعات الأولية تشير إلى نشاط لافت في حركة الرياح الجنوبية الغربية، والتي عادة ما ترافقها حالات من التصعيد الرطوبي نحو المرتفعات الجنوبية الغربية، مما يدعم تطوّر السحب الممطرة في فترات ما بعد الظهيرة، وهي سمة شائعة في الأمطار الصيفية بالمملكة، ولفت إلى أن هذه الأمطار، رغم طبيعتها الموسمية، قد تكون غزيرة في بعض الفترات، وتصحبها زخات برد ونشاط للرياح الهابطة، وهو ما يستدعي الانتباه من قبل الجهات المختصة والمواطنين على حد سواء.
وفي معرض حديثه عن المؤثرات المناخية الكبرى، أشار الحربي إلى تأثير ظاهرة النينيو والنينيا على النشاط المداري في المنطقة، موضحًا أن العام الجاري يُظهر مؤشرات حيادية متقلبة، مما يفتح المجال أمام نشاط مطري صيفي متباين، قد يفوق التوقعات في بعض الحالات، كما تحدث عن احتمالية تشكل بعض المنخفضات الجوية شرق أفريقيا، والتي تلعب دورًا في دفع المزيد من الرطوبة نحو أجواء الجزيرة العربية، خصوصًا إذا ترافقت مع فوارق حرارية نشطة بين السطح وطبقات الجو العليا.
وأشار إلى أن المشاهدات الأولية من صور الأقمار الصناعية تُظهر بداية تشكل السحب الركامية فوق المرتفعات الجنوبية منذ الأسابيع الماضية، في حين بدأت بعض مناطق عسير وجازان تسجل أولى زخات الأمطار الموسمية، ما يُعد مؤشرًا مبكرًا على دخول الموسم الفعلي، وتوقع أن يتصاعد النشاط بشكل تدريجي مع دخول شهري يونيو ويوليو، وهي الفترة التي عادة ما تصل فيها الأمطار الصيفية ذروتها.
وفي ختام تحليله، دعا الحربي إلى أهمية متابعة نشرات الطقس الرسمية من المركز الوطني للأرصاد، وأخذ التحذيرات بجدية، خاصة في المناطق الجبلية والمكشوفة المعرضة لجريان السيول، كما نصح المزارعين والمتنزهين باتباع الإرشادات الخاصة بفصل الصيف، مع الانتباه إلى تغيرات الطقس المفاجئة التي قد ترافق بعض الحالات الجوية.
يأتي هذا التوقع في وقت تتزايد فيه الاهتمامات بقضايا الطقس والمناخ في المملكة، نتيجة التغيرات الملحوظة في أنماط الأمطار ودرجات الحرارة، وهو ما يدفع العديد من المتخصصين إلى تكثيف التحليلات المبكرة للاستعداد المسبق لأي تطورات مناخية غير معتادة، ويُعد علي الحربي من أبرز المتابعين المحليين في مجال رصد وتحليل الظواهر الجوية، ويتابعه الآلاف من المواطنين والمهتمين بشؤون الطقس في المملكة والخليج.
وتبقى هذه التوقعات رهن التحديث المستمر، نظرًا لطبيعة الطقس المتقلبة، ولكنها تُعد مؤشرًا مهمًا لأخذ الاحتياطات اللازمة من قبل الجهات المختصة، خاصة في ظل تزايد الكثافة السكانية في بعض المناطق التي يحتمل أن تتأثر بهذه الحالات المطرية، كما أن هذه التوقعات تعيد إلى الواجهة ضرورة الاستثمار في تقنيات التنبؤ المبكر والبنية التحتية المخصصة للتعامل مع الأمطار والسيول، خصوصًا في المناطق التي شهدت سابقًا تأثيرات قوية خلال مواسم مماثلة.