في خطوة نوعية تعكس التقدم المستمر في منظومة الرعاية الصحية السعودية، أعلنت المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة القصيم عن إطلاق خدمة "العلاج الكيميائي بالمنزل" لمرضى الأورام، وذلك في إطار تحسين جودة الحياة للمرضى وتخفيف الأعباء النفسية والجسدية الناتجة عن تكرار الزيارات للمستشفيات والمراكز الطبية، وتُعد هذه المبادرة الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، وواحدة من المبادرات الرائدة التي تعزز من كفاءة تقديم الرعاية الصحية التخصصية خارج نطاق المرافق الطبية التقليدية.
الخدمة الجديدة تستهدف مرضى السرطان القادرين على تلقي العلاج الكيميائي في بيئة منزلية آمنة، وذلك بعد تقييم دقيق من الفريق الطبي المختص، وضمن بروتوكولات علاجية صارمة تراعي المعايير العالمية في هذا المجال، ويقوم فريق طبي متكامل بزيارة منزل المريض لتقديم الجرعات، ومتابعة الحالة الصحية، وتقديم الدعم الطبي والنفسي اللازم، وقد بدأت الخدمة بالفعل في تقديم العلاج لعدد من المرضى، الذين أعربوا عن ارتياحهم الكبير لهذه التجربة التي توفر عليهم مشقة التنقل وتعزز شعورهم بالخصوصية والراحة.
وقد أوضحت "صحة القصيم" أن إطلاق هذه الخدمة يأتي ضمن مبادرات التحول في نموذج الرعاية الصحية، الذي تتبناه وزارة الصحة ضمن برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030، ويهدف هذا التحول إلى تقديم الرعاية الصحية الوقائية والشخصية والمجتمعية، وتقريب الخدمة من المستفيد، عبر حلول مبتكرة تواكب تطورات القطاع الصحي عالميًا وتُسهم في تخفيف الضغط على المستشفيات وزيادة كفاءة الموارد الطبية.
وتعتمد آلية تنفيذ الخدمة على تقييم حالة المريض بشكل دقيق من قبل أطباء الأورام، وتحديد مدى مناسبة تلقي العلاج في المنزل من حيث الاستجابة المناعية، والحالة العامة، ونوع العلاج المستخدم، كما يتم توفير جميع التجهيزات الطبية المطلوبة لضمان تقديم العلاج في ظروف مماثلة للمستشفى، مع وجود بروتوكولات للتعامل مع الحالات الطارئة حال حدوث أي مضاعفات أثناء تلقي الجرعة.
وأكد القائمون على المبادرة أن تقديم العلاج في المنزل لا يقل في جودته الطبية أو الإشراف السريري عن العلاج في المستشفى، بل إن الميزة الأساسية تكمن في الجانب الإنساني والنفسي للمريض، إذ تساعد هذه البيئة على رفع مستوى التفاعل الإيجابي، وتمنح المريض فرصة للبقاء بالقرب من أسرته، مما يخفف من حدة الآثار النفسية المصاحبة للعلاج الكيميائي، والتي تُعد أحد أبرز التحديات التي تواجه مرضى الأورام.
الخدمة الجديدة تأتي بعد نجاح عدد من المبادرات المشابهة التي أطلقتها صحة القصيم في مجالات الرعاية المنزلية، إذ توسعت في تقديم خدمات الطب المنزلي لكبار السن وذوي الأمراض المزمنة خلال الأعوام الماضية، وقد أكسب هذا التوسع فرق العمل خبرات ميدانية واسعة في التعامل مع الحالات الصحية المتقدمة ضمن بيئة منزلية، ما شكل قاعدة قوية للانطلاق نحو الخدمات التخصصية عالية الحساسية مثل العلاج الكيميائي.
وتعكس هذه الخطوة التزام "صحة القصيم" بتطبيق معايير الرعاية الصحية الشاملة، التي لا تقتصر على توفير الخدمة بل تمتد إلى تحسين تجربة المريض وضمان راحته وكرامته أثناء رحلة العلاج، كما تأتي هذه المبادرة في سياق الدعم المستمر من وزارة الصحة لكافة المناطق في تطبيق برامج الطب المنزلي المتقدمة، وتهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية لتوسيع نطاق هذه الخدمات خلال السنوات المقبلة.
وبحسب التقديرات الأولية، من المتوقع أن تسهم هذه الخدمة في خفض عدد مراجعات مرضى الأورام للمنشآت الصحية بنسبة قد تصل إلى 30%، وهو ما سينعكس إيجابًا على انسيابية الخدمات في المستشفيات التخصصية، ويفتح المجال لتخصيص المزيد من الجهود للمرضى الذين تتطلب حالاتهم إشرافًا مباشرًا داخل المرافق الطبية.