قررت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فرض رسوم إغراق نهائية على واردات معينة من المنتجات الصحية (الخزفية) ذات المنشأ أو المصدّرة من جمهورية الصين الشعبية وجمهورية الهند، وذلك بعد استكمال التحقيقات الفنية التي أثبتت وجود ممارسات إغراق ضارّة بالمصانع الخليجية المنتجة لهذه السلع، ويأتي هذا القرار في إطار حماية الصناعة الخليجية من المنافسة غير العادلة، وضمان بيئة تجارية متوازنة.
وأعلنت الأمانة العامة لمجلس التعاون أن الرسوم ستُفرض على واردات المنتجات الصحية الخزفية، التي تشمل على وجه التحديد أنواعًا من المراحيض والمغاسل وأحواض الحمام المصنعة من السيراميك أو الخزف، والتي ثبت أنها تدخل إلى الأسواق الخليجية بأسعار تقل عن قيمتها العادلة، مما يُحدث ضررًا كبيرًا للمنتجين المحليين في دول المجلس.
وأوضحت اللجنة الوزارية المكلفة بملف مكافحة الإغراق والتدابير التعويضية أن القرار جاء استنادًا إلى نتائج التحقيق النهائي الذي أجرته هيئة حماية الصناعة الخليجية، والذي بيّن بالأرقام والبيانات أن المنتجات الواردة من الصين والهند تُباع داخل الأسواق الخليجية بأسعار إغراقية، تقل كثيرًا عن كلفة الإنتاج وأسعار البيع العادلة، مما تسبّب في تآكل حصة الشركات الخليجية في السوق، وتراجع أرباحها بشكل لافت خلال السنوات الماضية.
وبموجب هذا القرار، ستخضع هذه الواردات لرسوم جمركية إضافية نسبية يتم تحديدها وفق هامش الإغراق المثبت على كل شركة أو بلد منشأ، وستُطبق الرسوم لفترة زمنية محددة قابلة للمراجعة، ما يمنح المصانع الخليجية فرصة لتعزيز قدراتها التنافسية، ورفع جودة منتجاتها، وإعادة ترتيب أوضاعها في السوق الداخلي.
وتجدر الإشارة إلى أن دول الخليج تُعد من أكبر الأسواق الاستهلاكية في مجال المنتجات الصحية بفعل نمو مشاريع البنية التحتية والعقارية والسياحية، مما يجعلها وجهة مستهدفة من كبار المصدّرين في آسيا، وعلى رأسهم الصين والهند، وقد تسبب تدفق هذه الواردات بأسعار منخفضة في تهديد بقاء عدد من المصانع المحلية، واضطرارها إلى تقليص الإنتاج أو التسريح الجزئي للعمالة.
ورحبت جهات صناعية خليجية بالقرار، معتبرة أنه انتصار للصناعة الوطنية، وخطوة ضرورية للحفاظ على مكتسبات الاستثمارات المحلية، كما دعت في الوقت ذاته إلى مواصلة دعم الشركات الخليجية من خلال منحها مزايا تحفيزية، وضمان توافر المواد الخام، وتسهيل الوصول إلى الأسواق المحلية والإقليمية بعيدًا عن الضغوط الخارجية الناجمة عن الإغراق التجاري.
ويأتي هذا القرار متماشيًا مع التوجهات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الهادفة إلى تعزيز الاكتفاء الصناعي الذاتي، وتوطين القطاعات الحيوية، وحماية المنتج الخليجي، مع الالتزام بالقواعد والاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الممارسات التجارية الضارة، حيث تم تنفيذ الإجراءات وفقًا لمعايير منظمة التجارة العالمية.
كما أكدت الأمانة العامة لمجلس التعاون أن هذه الخطوة لا تُعد تقييدًا للتجارة الدولية، بل وسيلة مشروعة لتنظيم المنافسة العادلة، مشيرة إلى أن الباب لا يزال مفتوحًا أمام المصنعين في الصين والهند لتعديل ممارساتهم التجارية، والتعاون مستقبلاً في إطار بيئة أكثر توازنًا، تراعي المصالح المشتركة لجميع الأطراف.