الحج 2025
بعد 20 عامًا من الانتظار.. الحاجة زوينة تحج بدعوة كريمة
كتب بواسطة: محمد خالد |

في لحظة إنسانية مؤثرة تجسّد عمق الشوق الإيماني وعظمة ما تحمله فريضة الحج من معانٍ روحية، تحولت قصة الحاجة الجزائرية زوينة عليوة إلى واحدة من أكثر القصص التي لامست القلوب هذا الموسم، بعد أن انتظرت لأكثر من عشرين عامًا فرصة زيارة بيت الله الحرام، متمنية أن يتحقق لها هذا الحلم الكبير.

زوينة، التي عاشت سنينًا طوالًا وهي ترفع يديها بالدعاء، وتنتظر بفارغ الصبر لحظة الوقوف على صعيد عرفات، لم تيأس قط من رجاء الله، وكانت تردد دومًا أن الفرج قريب. ومع مرور السنوات، ظل الحنين إلى الحج يزداد في قلبها، حتى وصلت بها المشاعر إلى البكاء مرارًا من شدة الشوق، وهي ترى الآخرين يتحضرون للذهاب إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، بينما تبقى هي خلف الأبواب، تنتظر قضاء الله وتيسيره.

لكن القدر أبى إلا أن يكتب لها نهاية مختلفة تليق بصبرها وصدق نيتها، إذ وقع عليها الاختيار لأداء فريضة الحج ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، المخصص لضيوف الحج والعمرة والزيارة، وهو أحد المبادرات الإنسانية التي تتبناها المملكة سنويًا لخدمة المسلمين من مختلف بقاع الأرض.

وحين تلقت زوينة خبر اختيارها، لم تتمالك نفسها من شدة التأثر. لحظة لا تُنسى، كما وصفتها، وقالت إنها لم تصدق أذنيها في البداية، وكأن الحلم الذي لازمها لعقود قرر أن يتحقق فجأة، ليتحوّل البكاء من حسرة إلى دموع فرح وامتنان.

وفي تصريحات لقناة "العربية"، عبرت الحاجة الجزائرية عن امتنانها العميق لله أولاً، ثم للقيادة السعودية التي أتاحت لها هذه الفرصة المباركة، وقالت: "إن الشعب السعودي أخجلني بوقفته معي وحسن أخلاقه". كلمات بسيطة لكنها تحمل صدقًا كبيرًا يعبّر عن عمق المشاعر التي تعتري قلب حاج طال انتظاره لهذا الركن العظيم من أركان الإسلام.

الحاجة زوينة ليست مجرد اسم في قائمة الحجاج، بل تمثل آلاف الحكايات التي تختزل فيها معاناة الانتظار، وصدق الدعاء، والإيمان الذي لا يتزحزح رغم تقلبات الحياة.

قصتها تذكّر الجميع بأن باب الله لا يُغلق، وأن الرحمة الإلهية أوسع من أن تُحصر بزمن أو مكان، فحين يشاء الله، تأتي الفرج من حيث لا نحتسب.

برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة يُعد من أبرز المبادرات الإنسانية التي تسهر المملكة على تنفيذها، ويستهدف تمكين الآلاف من المسلمين حول العالم من أداء المناسك دون مقابل، إيمانًا من القيادة السعودية بدورها في خدمة الإسلام والمسلمين، وحرصًا منها على تعزيز الأواصر الروحية بين المسلمين من مختلف الدول.

قصة زوينة ليست استثناءً، بل هي نموذج حي لما يقدمه هذا البرنامج من لمسة وفاء وإنسانية، تلامس الأرواح وتُعيد الأمل لمن ظن أن السبل قد أُغلقت أمامه.

إنها دعوة مفتوحة لكل من ظن أن الزمن قد تجاوزه، ولكل من حمل في قلبه حلمًا لم يتحقق بعد، أن لا يفقد الأمل، فباب الله لا يُردّ طارقُه خائبًا.

وقد لاقت قصة الحاجة الجزائرية تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تداولها الكثيرون باعتبارها درسًا في الصبر والتوكل، ورسالة بليغة عن كرم الله، وجهود المملكة العربية السعودية التي تحرص كل عام على أن تكون مواسم الحج محطات إيمانية وإنسانية فريدة من نوعها.