يستعد نادي النصر السعودي لفتح صفحة جديدة في تاريخه الرياضي، بعد موسم صعب ومخيّب لآمال جماهيره العريضة، حيث فشل الفريق في حصد أي لقب خلال موسم 2024-2025، مكتفيًا بالمركز الثالث في جدول ترتيب دوري روشن للمحترفين، وهو ما حرم الفريق من التأهل إلى دوري أبطال آسيا "النخبة" لموسم 2025-2026، واضطره للمشاركة في النسخة الثانية من البطولة القارية الأقل تصنيفًا.
هذا الإخفاق، الذي وصفته الجماهير بـ"النكسة"، لم يمر مرور الكرام على إدارة النادي، حيث بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات عملية وجريئة على المستويين الفني والإداري، استعدادًا لثورة كبرى تأمل أن تعيد النصر إلى منصات التتويج التي طالما اعتاد عليها.
وفي أول مؤشر على هذه الثورة التصحيحية، أعلن نادي النصر مساء الإثنين عبر حسابه الرسمي في منصة "إكس"، عن تعاقده رسميًا مع النجم السعودي الشاب عبدالملك الجابر، قادمًا من نادي جيزينتيشار البوسني، ليكون أولى صفقات الفريق الصيفية للموسم الجديد.
ويعد عبدالملك الجابر واحدًا من أبرز المواهب السعودية الصاعدة، وهو نتاج برنامج "صقور المستقبل" الذي يهدف إلى تطوير وتصدير اللاعبين السعوديين إلى الملاعب الأوروبية.
ويبلغ اللاعب من العمر 21 عامًا، وقد خاض أول تجربة احترافية له في فبراير 2023 مع نادي دينامو زغرب الكرواتي، ضمن فئاته السنية، قبل أن ينتقل بعد ستة أشهر فقط إلى نادي جيزينتيشار البوسني.
وخلال موسمه الكامل مع النادي، لعب الجابر 48 مباراة رسمية، سجل خلالها أربعة أهداف، وصنع ثلاثة، مؤكدًا أنه لاعب وسط متكامل وواعد بمستقبل كبير.
وكان النصر قد حاول استعادة خدمات اللاعب في الميركاتو الشتوي الماضي، إلا أن الصفقة تعثرت بسبب تدخل من بعض الجهات الرسمية، التي فضلت استمراره في الاحتراف الخارجي لفترة أطول.
لكن مع نهاية الموسم، نجحت إدارة النصر أخيرًا في الظفر بتوقيعه، بعقد يمتد حتى صيف 2029، ما يؤكد على قناعة النادي بإمكاناته، ورغبته في الاستثمار طويل الأمد فيه.
وفي الوقت الذي يتحرك فيه النصر على الصعيد الفني لتدعيم صفوفه بلاعبين شباب ومميزين، يشهد النادي كذلك تغيرات كبيرة على الصعيد الإداري، مع اقتراب نهاية فترة عمل عدد من أعضاء مجلس إدارة شركة النصر.
فقد كشفت صحيفة "الرياضية" أن رائد إسماعيل ومرام الجهني، عضوي مجلس إدارة النادي، يتجهان لمغادرة منصبيهما رسميًا مع نهاية يونيو الجاري، تزامنًا مع انتهاء فترة التعيين التي بدأت في صيف 2023 عند استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على 75% من أسهم النادي.
وكان الصندوق قد عيّن حينها كوكبة من الأسماء الإدارية البارزة، شملت أنس آل الشيخ، حمود الرميان، رائد إسماعيل، مرام الجهني، وسلطان الدغيثر - رحمه الله -، لإدارة شؤون النادي في المرحلة الانتقالية، إلا أن التغيرات المنتظرة تأتي في سياق مراجعة شاملة لمستوى العمل الإداري، في ظل رغبة واضحة من الصندوق لإعادة هيكلة المنظومة وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الملعب.
الجماهير النصراوية التي عاشت موسمًا صعبًا، باتت تترقب خطوات الإدارة الجديدة بشغف، وسط تطلعات عالية بأن تكون هذه التغييرات بداية فعلية لبناء فريق قوي، قادر على المنافسة المحلية والقارية، لا سيما مع تواجد أسماء عالمية مثل كريستيانو رونالدو وساديو ماني وآخرين، ممن يملكون القدرة على صنع الفارق، إذا ما توفرت لهم بيئة إدارية وفنية مستقرة وداعمة.
الصفقة الجديدة مع عبدالملك الجابر قد تكون مجرد بداية لسلسلة من التعاقدات المنتظرة هذا الصيف، في ظل وجود تقارير تتحدث عن اقتراب النصر من أسماء أجنبية مؤثرة، إلى جانب إعادة تقييم شامل للجهاز الفني بقيادة المدرب الحالي.
وبين ثورة فنية قادمة وتغييرات إدارية مرتقبة، يبدو أن نادي النصر دخل بالفعل في طور "التجديد الشامل"، في محاولة لاستعادة هيبته وتحقيق تطلعات جماهيره التي تنتظر العودة إلى الواجهة بفارغ الصبر.