في خطوة تعكس التحول الرقمي الذي تشهده المملكة في قطاع الرعاية الصحية، كشف فهد البطحي، الرئيس التنفيذي للتشغيل وسلاسل الإمداد في الشركة الوطنية للشراء الموحد للأدوية والأجهزة الطبية "نوبكو"، عن اعتماد تقنيات حديثة لنقل الأدوية والإمدادات الطبية داخل المشاعر المقدسة خلال موسم الحج، باستخدام طائرات "الدرون" المدعومة بالذكاء الاصطناعي. وأوضح البطحي، خلال لقاء تلفزيوني عبر قناة "الإخبارية"، أن هذه التقنية تُعد من المبادرات الرائدة التي تهدف إلى تسريع عمليات التوزيع الطبي، وتقليل زمن الوصول إلى المرافق الصحية، لا سيما في المواقع ذات الكثافة العالية والتحديات اللوجستية الخاصة.
وأشار البطحي إلى أن طائرات الدرون المستخدمة في المشاعر قد خضعت لسلسلة من الاختبارات الميدانية الدقيقة، وتجاوزتها بنجاح، مما يبرهن على كفاءتها في العمل وسط الظروف البيئية المختلفة.
وأضاف أن هذه الطائرات مبرمجة للعمل تلقائيًا وفق خطوط سير دقيقة، ومسارات مدروسة مسبقًا، تنطلق من مستودع مركزي إلى المواقع الطبية المستهدفة، حاملةً على متنها أدوية ومستلزمات طبية حرجة، تُسهم في دعم عمل الطواقم الصحية الميدانية المنتشرة في منى وعرفات ومزدلفة.
وتعمل طائرات الدرون وفق آلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتحكم عن بُعد، مع قابلية التحديث المستمر للمسارات بحسب الحاجة التشغيلية أو الظروف على الأرض، مما يعزز من مرونتها وكفاءتها في نقل الأدوية خلال ذروة موسم الحج.
وتُدار هذه الطائرات ضمن منظومة متكاملة للتوريد الذكي، تراقبها وتشغلها فرق متخصصة تابعة لـ"نوبكو"، بالتنسيق الكامل مع وزارة الصحة والجهات الأمنية المعنية، لضمان سلامة الحركة الجوية وسرعة وصول الإمدادات إلى الوجهات المحددة.
وفي سياق متصل، أعلن البطحي عن إطلاق مبادرة أخرى نوعية تتمثل في استخدام الطيران العمودي (الهليكوبتر) للتموين الطبي، مشيرًا إلى أن الهدف منها هو تقليص الوقت اللازم لتوصيل الأدوية والمعدات، خاصة إلى المواقع التي يصعب الوصول إليها عبر الطرق البرية خلال أوقات الذروة أو في الحالات الطارئة.
وأكد أن الطيران العمودي يُشكّل حلاً استراتيجيًا ضمن خطط الطوارئ، لما يتمتع به من قدرة على التنقل السريع وحمل كميات أكبر من الإمدادات مقارنة بطائرات الدرون الصغيرة.
ويُعد اعتماد هذه الحلول التقنية أحد ملامح التحول الكبير الذي تشهده خدمات الدعم الطبي في الحج، حيث تسعى "نوبكو" – بصفتها الذراع اللوجستي للقطاع الصحي الحكومي – إلى الاستفادة من التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، والتحكم الذكي، والأنظمة الروبوتية، لتحقيق أقصى درجات الكفاءة والسرعة في إيصال الأدوية والمستلزمات، وخفض الاعتماد على الأساليب التقليدية التي قد تتأثر بزحام المشاعر أو تعقيدات حركة النقل.
وتنسجم هذه المبادرات التقنية مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، والتي تُولي أهمية كبرى لتحسين جودة الحياة، وتعزيز الابتكار في تقديم الخدمات الصحية، لا سيما خلال موسم الحج الذي يشهد واحدة من أكبر التجمعات البشرية السنوية في العالم. كما تعكس هذه الخطوة التزام المملكة بتقديم أفضل وأحدث الحلول لضمان صحة وسلامة ضيوف الرحمن، عبر تطوير البنية التحتية الصحية والاعتماد على تقنيات المستقبل.
ويُتوقع أن تُحدث هذه المبادرات نقلة نوعية في آليات التموين الطبي خلال مواسم الحج القادمة، لا سيما مع التوسع في استخدام الدرون والطائرات العمودية، والتي تُتيح تغطية جغرافية أوسع، واستجابة أسرع، وقدرة أكبر على التعامل مع الحالات الحرجة دون تأخير.
ومن شأن هذه التقنية أن تخفف العبء عن الفرق الميدانية وتُسهم في رفع كفاءة الاستجابة الطبية، سواء في المستشفيات الميدانية أو نقاط الإسعاف المؤقتة المنتشرة في المشاعر.
وتؤكد "نوبكو" أنها مستمرة في تطوير حلولها التقنية واللوجستية، مستفيدة من التجارب السابقة، ومواكبةً لتطورات القطاع الصحي عالمياً، مشيرة إلى أن الأثر الإيجابي لهذه المبادرات لن يقتصر على موسم الحج، بل ستمتد تطبيقاتها إلى مختلف مناطق المملكة، ضمن خطط تحسين سلسلة الإمداد الدوائي وخدمات الرعاية الصحية المستقبلية.
