روبوت طبي ينقذ خمسينية من ارتجاع ميترالي حاد في مكة
روبوت طبي ينقذ خمسينية من ارتجاع ميترالي حاد في مكة
كتب بواسطة: حكيم خالد |

في إنجاز طبي يُضاف إلى سجل التقدم النوعي الذي تشهده المملكة في مجال الرعاية الصحية التخصصية، نجح فريق طبي في مدينة الملك عبدالله الطبية بمكة المكرمة في إجراء عملية دقيقة باستخدام تقنية الروبوت، لإنقاذ حياة سيدة خمسينية كانت تعاني من ارتجاع شديد في الصمام الميترالي بالقلب، العملية التي أُجريت ضمن سلسلة من التدخلات النوعية المتقدمة، شكّلت نقلة نوعية في مستوى تقديم الخدمة الطبية، إذ ساهم التدخل الروبوتي في تقليل المخاطر المعتادة المرتبطة بالجراحات القلبية المفتوحة، والحد من فترة التعافي، وتحسين جودة حياة المريضة بعد العملية.

العملية التي أُجريت داخل مركز القلب بالمدينة الطبية، جاءت بعد معاناة المريضة من أعراض مزمنة تمثلت في ضيق تنفس متكرر، وتسارع ضربات القلب، وشعور مستمر بالإرهاق وضعف في الأداء البدني، ما دفع الأطباء إلى إجراء سلسلة من الفحوصات المتقدمة، شملت تخطيط القلب، وتصوير القلب بالرنين المغناطيسي، وإيكو القلب، التي بيّنت وجود ارتجاع شديد في الصمام الميترالي، ناتج عن تهتك في الشرفات الصمامية، الأمر الذي تسبب في تدفق غير طبيعي للدم داخل القلب، وأثر على كفاءة الضخ الدموي.

وبعد تقييم الحالة من قِبل فريق متكامل من استشاريي القلب وجراحة القلب والتخدير والعناية المركزة، تقرر أن أفضل خيار علاجي للحالة هو إجراء إصلاح للصمام الميترالي بتقنية الروبوت الجراحي، لما توفره هذه التقنية من دقة عالية في الوصول إلى منطقة العملية، دون الحاجة إلى شقّ عميق في الصدر أو توقف طويل للقلب، وهو ما يُعد مثاليًا في حالات المرضى الذين يُعانون من ضعف في المناعة أو أمراض مزمنة مرافقة تزيد من تعقيد الجراحة التقليدية.

وتم تجهيز غرفة العمليات بأحدث أنظمة الجراحة الروبوتية التي تُدار عن بعد من خلال وحدة تحكم متقدمة تتيح للجراح إجراء العملية بدقة ميكانيكية عالية، مع تصوير ثلاثي الأبعاد، وأذرع روبوتية مرنة تصل إلى مناطق دقيقة لا يمكن الوصول إليها يدويًا بسهولة، واستغرقت العملية عدة ساعات تكللت بالنجاح، حيث تم إصلاح الصمام وإعادة تدفق الدم بشكل طبيعي داخل القلب، دون الحاجة إلى استبداله أو استخدام مضخة قلبية مؤقتة، ما قلّل بشكل كبير من احتمالية المضاعفات بعد العملية.

وبحسب الفريق الطبي، فقد استعادت المريضة وعيها في وقت قياسي بعد الجراحة، وتمكنت من الحركة خلال أول 24 ساعة، قبل أن تُنقل إلى قسم التنويم لمتابعة التعافي، دون الحاجة إلى البقاء في العناية المركزة لفترة طويلة، كما أظهرت الفحوصات اللاحقة تحسنًا ملحوظًا في مؤشرات القلب الوظيفية، وتراجع الأعراض التي كانت تشكو منها المريضة قبل العملية، ما يؤكد نجاح التدخل الجراحي وفاعلية استخدام التقنية الروبوتية في هذا النوع من العمليات المعقدة.

وتُعد هذه العملية واحدة من عشرات العمليات الناجحة التي أجرتها مدينة الملك عبدالله الطبية باستخدام الجراحة الروبوتية، والتي أصبحت خيارًا علاجيًا رئيسيًا في عدد من التخصصات الدقيقة، من بينها جراحات القلب، والمسالك البولية، والأورام، وجراحات النساء، وتأتي هذه القفزات التقنية ضمن استراتيجية وزارة الصحة لتعزيز التحول الصحي، وتوفير أحدث الوسائل التشخيصية والعلاجية داخل المملكة، ما يسهم في تقليل الحاجة للسفر إلى الخارج، ويُعزز من كفاءة النظام الصحي الوطني.

وتُبرز هذه النجاحات المتواصلة المكانة المرموقة التي باتت تحتلها مدينة الملك عبدالله الطبية كمركز مرجعي على مستوى المملكة والمنطقة، لما تمتلكه من بنية تحتية متقدمة، وكوادر طبية مؤهلة، وخطط علاجية متكاملة تعتمد على أفضل الممارسات الطبية العالمية، كما تعكس حجم الاستثمار المستمر في التقنيات الذكية، والحرص على إدماج أدوات الذكاء الاصطناعي والروبوتات في العمليات الجراحية، بما يواكب التوجه العالمي نحو الطب الرقمي الدقيق.

ويؤكد القائمون على المركز أن استخدام الروبوتات الجراحية لم يعد مجرد تقنية بديلة، بل بات خيارًا علاجيًا أوليًا في الكثير من الحالات، خصوصًا تلك التي تتطلب تدخلًا دقيقًا بأقل قدر من التداخل الجراحي، كما يشيرون إلى أن هذه الإنجازات ما كانت لتتحقق لولا دعم القيادة الرشيدة للقطاع الصحي، ورؤية المملكة 2030 التي وضعت تحسين جودة الحياة في صميم أهدافها، عبر تطوير الخدمات الصحية، وتوطين العلاج، وتوسيع نطاق مراكز التميز.

ويُذكر أن مدينة الملك عبدالله الطبية بمكة المكرمة تستقبل سنويًا الآلاف من الحالات المعقدة من مختلف مناطق المملكة، خاصة في موسمي الحج والعمرة، نظرًا لموقعها الاستراتيجي، وما توفره من خدمات تخصصية عالية المستوى، ومع هذا النوع من الإنجازات، تتعزز ثقة المرضى والكوادر الصحية على حد سواء، في أن المستقبل الطبي في المملكة يسير بخطى ثابتة نحو التقدم، مدعومًا بالتقنية، والابتكار، والعناية الشاملة بالإنسان.