الأمين العام لمجلس التعاون
لقاء خليجي لاتيني يؤسس لمرحلة تعاون جديدة في المجالات الحيوية!
كتب بواسطة: محمد سميح |

عقد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، معالي الأستاذ جاسم محمد البديوي، اجتماعًا مهمًا في مدينة نيس بالجمهورية الفرنسية، جمعه مع الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية، السيد ألبرت رادمن، وذلك على هامش مشاركة الطرفين في أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات والغلاف الجوي، الذي يُعد أحد أبرز المحافل الدولية المعنية بالتغير المناخي والبيئي، ويهدف إلى مناقشة التحديات التي تواجه البشرية في هذا المجال الحيوي.

وقد شهد اللقاء نقاشًا مثمرًا ومفتوحًا حول العلاقات القائمة بين مجلس التعاون الخليجي ومنظمة الدول الأمريكية، حيث استعرض الجانبان مختلف أوجه التعاون الحالي، وأكدا أهمية تطوير وتوسيع هذه العلاقات لتشمل مجالات جديدة، تتماشى مع المتغيرات العالمية، وتُسهم في دفع المصالح المشتركة للأمام، بما يحقق التكامل الاستراتيجي بين المنظمتين، ويخدم أهداف شعوب الدول الأعضاء في كلا الطرفين.

وتركّز الحديث بين الأمينين العامين على ضرورة تعزيز التنسيق الثنائي فيما يتعلق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما تلك المتعلقة بالتنمية المستدامة، والتغير المناخي، والاقتصاد الأخضر، والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى الابتكار في التقنيات البحرية، وهو ما يتسق مع توجهات مؤتمر الأمم المتحدة الحالي، الذي يعالج قضايا جوهرية في البيئة والمحيطات والغلاف الجوي.

كما ناقش الطرفان السبل الكفيلة بفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والاستثماري بين دول مجلس التعاون والدول الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية، عبر تفعيل أدوات الشراكة، وتبادل الخبرات، وتشجيع المشاريع المشتركة التي يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في مستوى العلاقات الاقتصادية بين المنطقتين، وأعرب الجانبان عن تطلعهما إلى إقامة منصات حوار اقتصادية دائمة، تسهم في تسهيل التفاهم بين الجهات الحكومية والخاصة في كلا التكتلين، بما يعزز فرص التكامل التجاري والاستثماري.

وأبرز معالي الأمين العام لمجلس التعاون خلال الاجتماع عمق وتجذر علاقات المجلس الاستثمارية مع عدد من الدول والتكتلات الإقليمية والدولية، مؤكدًا أن دول المجلس تولي اهتمامًا بالغًا بتوسيع الشراكات في كافة المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية، وأن تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع منظمة الدول الأمريكية يُمثل خطوة إضافية نحو توسيع شبكة العلاقات الدولية لمجلس التعاون.

وأشار معاليه إلى أن العالم اليوم يعيش تحولات اقتصادية وتقنية متسارعة، مما يستدعي من جميع التكتلات الإقليمية الكبرى، ومنها مجلس التعاون ومنظمة الدول الأمريكية، العمل بشكل أكثر تنسيقًا وتكاملًا، بهدف مواجهة التحديات المشتركة، خاصة ما يتعلق بالتقلبات المناخية، والأمن الغذائي، واستدامة الموارد الطبيعية، كما شدد على أهمية الاستفادة من نقاط القوة لدى الجانبين، سواء من حيث القدرات المالية والاقتصادية لدول مجلس التعاون، أو من حيث الأسواق المتنوعة والإمكانات البشرية الغنية لدى دول منظمة الدول الأمريكية.

وقد تم الاتفاق بين الجانبين على مواصلة اللقاءات الفنية والدبلوماسية، وتفعيل القنوات المؤسسية القائمة بين المجلس والمنظمة، بما يضمن استمرارية الحوار، ووضع إطار عمل عملي للتعاون الثنائي، كما تم التأكيد على أهمية تبادل الخبرات في مجالات التعليم والتكنولوجيا والطاقة، خاصة في ضوء ما يشهده العالم من تطور تقني وثورة معلوماتية تستدعي التفاعل والتعاون بين مختلف الفاعلين الدوليين.

ويأتي هذا اللقاء في سياق الجهود المستمرة لمجلس التعاون الخليجي لتعزيز حضوره الدولي وتوسيع آفاق التعاون مع مختلف التكتلات الجغرافية والسياسية حول العالم، وهو ما يعكس بوضوح رؤية المجلس الداعية إلى الانفتاح على العالم، وتبادل المصالح المشتركة في إطار الاحترام المتبادل والتعاون المتوازن.

وأثنى الطرفان على أهمية الدور الذي تلعبه المؤتمرات الدولية، كمؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات والغلاف الجوي، في إتاحة الفرص للقاءات الثنائية والجماعية، والتي تُعزز فرص التعاون في الملفات الكبرى التي تتطلب تكاتف الجهود الدولية، وقد عبّر الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية عن تقديره لدور مجلس التعاون كقوة اقتصادية وسياسية فاعلة في المنطقة، مؤكدًا رغبة المنظمة في تعميق علاقاتها مع المجلس والانفتاح على مبادراته التنموية.

ويُعد هذا اللقاء استمرارًا للمساعي التي يبذلها مجلس التعاون الخليجي في بناء شراكات استراتيجية جديدة تخدم الرؤية الاقتصادية والتنموية لدوله الأعضاء، وتتماشى مع السياسات الوطنية الطموحة، وعلى رأسها رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ومشاريع التنمية المستدامة في كل من الإمارات، قطر، الكويت، البحرين، وعُمان، ويؤكد هذا النهج أن دول مجلس التعاون لم تعد تكتفي بدورها الإقليمي، بل تسعى إلى التأثير الفعّال في المشهد العالمي من خلال شراكات قائمة على المصالح المشتركة والتكامل الاقتصادي.

ويأمل الطرفان في أن يكون هذا اللقاء خطوة أولى نحو بناء إطار تعاون مؤسسي طويل الأمد بين مجلس التعاون ومنظمة الدول الأمريكية، يمكّن من ترجمة الأفكار المطروحة إلى برامج تنفيذية، ومشاريع حقيقية على الأرض تخدم شعوب المنطقتين وتُحقق التنمية المنشودة.