في إطار الجهود المكثفة التي تبذلها أمانة العاصمة المقدسة للحفاظ على صحة وسلامة البيئة خلال موسم الحج، عملت الأمانة على إحكام الرقابة المشددة على منافذ المشاعر المقدسة، وذلك لمنع دخول المواشي بطرق غير نظامية أو تسربها العشوائي إلى المنطقة، التي تستقبل ملايين الحجاج لأداء مناسكهم خلال أيام الحج المباركة، ويأتي هذا الإجراء التنظيمي كجزء من خطة متكاملة تهدف إلى السيطرة على عمليات الذبح وضمان تنفيذها ضمن الأطر الشرعية والصحية المحددة، بعيداً عن الفوضى والممارسات العشوائية التي قد تهدد الصحة العامة وتؤدي إلى تلوث بيئي خطير في منطقة ذات كثافة بشرية عالية خلال هذه الفترة.
ولتفعيل هذه الجهود على أرض الواقع، قامت الأمانة بإنشاء عدد من نقاط التفتيش التي جرى توزيعها جغرافيًا وفق دراسة ميدانية شاملة تضمن تغطية جميع مداخل المشاعر المقدسة من مختلف الاتجاهات، وتعمل هذه النقاط على متابعة حركة المواشي ورصد أي محاولات تهريب أو إدخال غير مرخص للمواشي، بالإضافة إلى منع تسربها إلى داخل المشاعر بطرق مخالفة، الأمر الذي من شأنه تعزيز الانضباط والحد من ممارسات الذبح العشوائي التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى تراكم النفايات الحيوانية والتسبب في انتشار الروائح الكريهة والحشرات والأمراض.
وفي ذات السياق، شهدت المجازر ووحدات الذبح في المشاعر المقدسة انطلاق عملياتها رسمياً منذ اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك، حيث بدأت في استقبال طلبات الحجاج المتعلقة بذبح الهدي والأضاحي، وقد جرى تنفيذ ذلك في ظل استعدادات لوجستية وفنية متكاملة تستمر على مدار أيام التشريق، بما يضمن تسهيل أداء هذه الشعيرة العظيمة بطريقة منظمة وآمنة، وتعمل هذه المجازر ضمن منظومة متقدمة تُمكن من تنفيذ عمليات الذبح والتجهيز والنقل والتوزيع وفق أعلى المعايير الصحية والشرعية المعتمدة.
وفي بيان رسمي لها، أكدت الأمانة أنها تولي اهتماماً بالغاً لتوفير كافة سبل التيسير أمام الحجاج لأداء شعيرة الذبح، في بيئة صحية منظمة خالية من مسببات التلوث أو الأمراض المعدية، وأشارت إلى أن مراقبة دخول المواشي إلى المجازر يتم تحت إشراف صحي دقيق، يُراعي سلامة الذبائح وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي، إضافة إلى منع الذبح خارج المجازر النظامية المعتمدة، لما يحمله ذلك من مخاطر على الصحة العامة والمظهر الحضاري للمدينة المقدسة.
وتتعاون أمانة العاصمة المقدسة مع عدد من الجهات الرسمية في لجان تنظيمية متخصصة، تتولى مسؤولية ضبط وتنظيم عمليات الذبح، ومتابعة الاستفادة من اللحوم بعد الذبح بطريقة سليمة وصحية، تضمن توزيعها على مستحقيها وفق آليات دقيقة، ومن أبرز هذه اللجان: لجنة الذبح العشوائي، التي تُعنى برصد ومكافحة الظواهر السلبية المتعلقة بالذبح غير النظامي، ولجنة التوزيع الخيري التي تشرف على توزيع اللحوم على الجهات الخيرية والمستفيدين، بالإضافة إلى لجنة المسالخ المؤقتة، ولجنة الإفادة من لحوم الهدي والأضاحي التي تُنسق جهود الجهات المختلفة لضمان الاستفادة القصوى من هذه اللحوم بما يحقق أهداف التكافل الاجتماعي ويقلل من الهدر.
وضمن خطتها الموسمية، أنشأت الأمانة سبعة مراكز إسناد ميدانية، جرى توزيعها جغرافيًا لتغطي كافة مناطق المشاعر، وتعمل على دعم عمليات الرقابة والتفتيش والتنظيم، وتضم هذه المراكز: مركز إسناد البيعة، مركز إسناد دقم الوبر، مركز إسناد المعيصم (أ)، مركز إسناد المعيصم (ب)، مركز إسناد العزيزية، مركز إسناد المعابدة، وأخيرًا مركز إسناد أجياد، وقد زُوّدت هذه المراكز بعدد كافٍ من العمالة والمعدات الحديثة التي تُمكنها من تنفيذ المهام الرقابية على أكمل وجه، والتعامل مع أي طارئ قد يحدث خلال موسم الحج.
ولم تكتفِ الأمانة بذلك، بل عملت منذ وقت مبكر على تجهيز سبع وحدات متخصصة للذبح في منطقة المعيصم، تُعد من بين الأكبر على مستوى المنطقة، حيث تبلغ الطاقة الاستيعابية لهذه الوحدات أكثر من مليون رأس من المواشي، وقد جُهزت هذه المجازر بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال الذبح، بدءاً من أنظمة الحجز الإلكتروني للذبائح، مروراً بخطوط الإنتاج الآلية، ووصولاً إلى وحدات التبريد والتخزين والنقل الصحي، بما يضمن أقصى درجات الكفاءة والجودة والسلامة.
وتُشرف أمانة العاصمة المقدسة على نظافة هذه المجازر بشكل مباشر، على الرغم من أنها تُدار فعلياً من قِبل مشروع المملكة للإفادة من لحوم الهدي والأضاحي، في تعاون استراتيجي يهدف إلى تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه الشعيرة العظيمة، وضمان وصول لحوم الهدي إلى مستحقيها داخل وخارج المملكة وفق معايير دقيقة تضمن الشفافية والمصداقية.
وتُعد هذه الجهود امتداداً لرؤية المملكة في تطوير منظومة الحج والارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، من خلال التكامل بين الأجهزة التنفيذية والرقابية والخدمية، مع مراعاة الضوابط الشرعية والصحية والتنظيمية التي تُسهّل على الحجاج أداء مناسكهم في راحة وأمان.