بروحٍ من العطاء والانضباط، اختتم 800 كشاف من منسوبي وزارة الرياضة مشاركتهم الميدانية في خدمة ضيوف الرحمن خلال موسم حج هذا العام 1446هـ، حيث قدّموا جهودًا نوعية ضمن معسكرات الخدمة العامة، في واحدة من أكبر المشاركات الكشفية المنظمة في مشعر منى.
وقد توزّع المشاركون على خمسة مراكز استراتيجية داخل المشعر، شملت المركز الرئيسي "الربوة"، ومركز وادي محسر، ومركزي "المعيصم 1 و2"، إضافة إلى "مركز العمليات"، لتغطية نطاق واسع من الخدمات اللوجستية والميدانية التي تعزز انسيابية الحركة وتنظيم المشاعر.
هذه المشاركة لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت ضمن خطة متكاملة وضعتها وزارة الرياضة منذ وقت مبكر، حيث انطلقت الاستعدادات مع بداية موسم الحج عبر سلسلة من الدورات التدريبية والتأهيلية التي استهدفت القادة الكشفيين والمشاركين، لضمان أقصى درجات الجاهزية والوعي بطبيعة المهام والخدمات التي سيقدمونها.
كما باشرت الفرق الكشفية عمليات المسح الميداني في مشعر منى قبل وصول الحجاج، لجمع معلومات دقيقة عن مواقع الإسكان، والمسارات، والمراكز الخدمية، ومعالم المشعر، وهو ما وفّر أساسًا معلوماتيًا ساعد في تنفيذ المهام بكفاءة عالية.
وقد شملت الخدمات التي قدّمها الكشافة تنظيم عمليات تفويج الحجاج وإدارة الحشود بدقة واحترافية، من خلال انتشارهم في النقاط الحيوية لتوجيه الحجاج وإرشادهم إلى مواقع إقامتهم باستخدام الخرائط المكانية المدعومة بالتطبيقات الذكية. وامتدت خدماتهم لتشمل المساعدة المباشرة لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، بما يعكس حسًا إنسانيًا عاليًا ووعيًا بخصوصية احتياجات هذه الفئات، وساهم في تيسير أداء مناسكهم براحة ويسر.
التكامل بين الفرق الكشفية والجهات ذات العلاقة، وعلى رأسها وزارة الحج والعمرة، كان أحد أبرز مفاتيح النجاح، إذ شكلت الكشافة حلقة دعم فعالة في تعزيز الخطط الميدانية وتوفير المعلومات المساندة لحركة الحجاج وتنقلاتهم، سواء في أوقات الذروة أو التنقل بين المشاعر.
وتُعد هذه الجهود امتدادًا لنهج وزارة الرياضة في دعم العمل التطوعي والمجتمعي، وتعزيز روح المبادرة والانتماء الوطني بين الشباب، من خلال مشاركتهم في الأحداث الوطنية الكبرى التي تبرهن على كفاءة المملكة في إدارة الحشود واستقبال الملايين من الزوار.
ولم تقتصر مشاركة الكشافة على المهام الميدانية فقط، بل كانت فرصة لترسيخ مفاهيم الانضباط، وروح الفريق، وخدمة الآخر، حيث عمل المشاركون بروح جماعية عالية وتحت إشراف ميداني مباشر، ضمن بيئة محفزة تسودها المسؤولية والتنسيق المستمر.
كما عبّر عدد من الحجاج عن تقديرهم البالغ لما لمسوه من تعاون ومساعدة من الكشافة في المواقع المختلفة، خاصة في حالات التوهان أو فقدان الطريق، ما جعل من هذه الفرق عنصرًا فاعلًا في خلق بيئة أكثر أمانًا وسلاسة لضيوف الرحمن.
وتأتي هذه المشاركة ضمن منظومة متكاملة من الخدمات والجهود التي تبذلها المملكة سنويًا لخدمة حجاج بيت الله الحرام، تنفيذًا لتوجيهات القيادة الرشيدة التي تضع راحة الحجاج وأمنهم وسلامتهم على رأس أولوياتها.
ولطالما كانت الكشافة السعودية عنصرًا ثابتًا في هذا المشهد، تقدم من خلاله نماذج شبابية مضيئة تفتخر المملكة بتفانيها وانضباطها.
وقد حظيت مشاركة كشافة وزارة الرياضة هذا العام بإشادة واسعة من مختلف الجهات التنظيمية في الحج، لما اتسمت به من تنسيق عالٍ، والتزام في أداء المهام، إلى جانب الاستفادة المثلى من التطبيقات الرقمية، التي ساعدت في تقليل وقت الاستجابة والتعامل مع الحالات الطارئة بكفاءة أكبر.
وأثبت الكشافة أنهم ليسوا فقط عناصر دعم لوجستي، بل يمثلون نموذجًا يحتذى به في الخدمة المجتمعية والعمل التطوعي، ويعكسون صورة مشرفة لشباب الوطن في المحافل الإيمانية الكبرى.
بهذه المشاركة، يختتم أفراد الكشافة موسمًا حافلًا بالعطاء والخدمة، تاركين خلفهم بصمات لا تُنسى في ذاكرة الحجاج، ومستشعرين فخرًا عظيمًا بما قدموه من جهد لخدمة ضيوف الرحمن، في رسالة سامية تتجدد كل عام، وتترجم رؤية المملكة في بناء جيل واعٍ ومسؤول يسهم بفعالية في خدمة الوطن والإنسانية.