مدينة الملك عبد الله الطبية
بتقنيات دقيقة.. جراحة نادرة تنقذ مريضة من الشلل في مدينة الملك عبد الله الطبية
كتب بواسطة: محمد الخوري |

في إنجاز طبي يُحسب للكفاءات الوطنية، نجح فريق طبي متخصص بمدينة الملك عبد الله الطبية بالعاصمة المقدسة في استئصال ورم ليفي نادر من العمود الفقري لمريضة كانت تعاني من آلام مزمنة وصعوبات حركية متزايدة، ويُعد هذا النوع من الأورام من الحالات النادرة التي تتطلب دقة فائقة وتعاونًا بين عدة تخصصات طبية.

وكانت المريضة، وهي في العقد الخامس من عمرها، قد راجعت المدينة الطبية وهي تعاني من آلام شديدة أسفل الظهر مع تنميل في الأطراف السفلية وصعوبة في الحركة، ما استدعى إخضاعها لسلسلة من الفحوصات الدقيقة والتصوير الإشعاعي المتقدم، الذي كشف عن وجود ورم ليفي متغلغل في الفقرات القطنية.

وأظهر التشخيص الطبي أن الورم يقع في منطقة حساسة من العمود الفقري قرب الأعصاب الحركية، مما جعل التدخل الجراحي خيارًا محفوفًا بالمخاطر، ويتطلب تخطيطًا دقيقًا لضمان عدم التأثير على الوظائف العصبية والحركية للمريضة.

تم تشكيل فريق طبي متكامل ضم أطباء من تخصصات جراحة المخ والأعصاب، والتخدير، والأشعة التداخلية، والعناية الحرجة، لوضع خطة جراحية دقيقة تُراعي طبيعة الورم وموقعه الحرج، وتقلل من احتمالات المضاعفات بعد العملية.

واستغرقت العملية عدة ساعات متواصلة داخل غرفة العمليات المتقدمة بالمدينة، حيث تم استخدام أحدث تقنيات التصوير ثلاثي الأبعاد والتوجيه الميكروسكوبي أثناء الجراحة، لضمان دقة الاستئصال الكامل للورم مع الحفاظ على الأعصاب المحيطة به.

وبفضل التنسيق العالي بين الفريق الجراحي والكوادر الطبية المساعدة، تم استئصال الورم بنجاح دون تسجيل أي ضرر عصبي أو مضاعفات جانبية، في واحدة من أكثر العمليات دقة وتعقيدًا في جراحات العمود الفقري التي تُجرى في المملكة.

وأشار الفريق الطبي إلى أن مثل هذه العمليات تتطلب مهارة وخبرة طويلة، خصوصًا أن الأورام الليفية في العمود الفقري تُعد من أكثر الأنواع تعقيدًا نظراً لتشابهها مع الأنسجة السليمة وصعوبة الوصول إليها دون إحداث تأثيرات سلبية.

وأوضح استشاري جراحة الأعصاب المشرف على الحالة، أن المريضة بدأت في استعادة قدرتها على الحركة تدريجيًا بعد العملية، وتم نقلها إلى قسم العناية المركزة تحت المراقبة المستمرة، مع مؤشرات تحسن إيجابية خلال الساعات الأولى بعد الجراحة.

وذكر البيان الصادر عن مدينة الملك عبد الله الطبية أن المريضة ستخضع لبرنامج تأهيلي متكامل يشمل العلاج الطبيعي والدعم النفسي، بهدف تعزيز التعافي الكامل واستعادة النشاط الحركي بأفضل صورة ممكنة خلال الأسابيع المقبلة.

وتُعد هذه العملية واحدة من سلسلة إنجازات طبية تُسجلها المدينة الطبية، التي باتت وجهة إقليمية في علاج الحالات المعقدة والنادرة، بفضل كوادرها المؤهلة وتجهيزاتها التقنية التي تواكب أحدث المعايير العالمية في مجال الرعاية الصحية المتقدمة.

ويأتي هذا الإنجاز في إطار رؤية وزارة الصحة السعودية لتعزيز جودة الخدمات الطبية التخصصية في المملكة، وتوفير الحلول العلاجية المتقدمة للمرضى داخل البلاد دون الحاجة للسفر إلى الخارج، مما يرفع من كفاءة النظام الصحي ويُسهم في تطويره المستدام.

وأكدت إدارة المدينة الطبية التزامها بتوفير بيئة علاجية آمنة ومتكاملة للحالات الدقيقة، مع استمرار تدريب الكفاءات الوطنية على أحدث التقنيات العالمية في مجالات الجراحة والتشخيص والعلاج، ما يعزز من تنافسية القطاع الصحي السعودي إقليميًا وعالميًا.

وقد عبّرت المريضة عن امتنانها العميق للفريق الطبي، مشيدة بحسن التعامل والرعاية الدقيقة التي تلقتها منذ دخولها وحتى الانتهاء من العملية، كما أثنت أسرتها على الجهود الكبيرة المبذولة، والاهتمام الشامل بكافة تفاصيل العلاج.

وتواصل مدينة الملك عبد الله الطبية تقديم خدماتها النوعية في مختلف التخصصات الدقيقة، مع سجل حافل من النجاحات في علاج أمراض القلب والأورام والأعصاب، في إطار سعيها المستمر لأن تكون مركزًا مرجعيًا للتميز الطبي على مستوى المملكة والمنطقة.