النفط العالمي
الطلب العالمي على النفط سيبلغ ذروته في 2029.. هل اقتربت نهاية العصر النفطي؟
كتب بواسطة: محمد بن سالم |

توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يواصل الطلب العالمي على النفط ارتفاعه حتى نهاية العقد الحالي، مدفوعة بعدة عوامل اقتصادية وسوقية، على أن يبلغ ذروته في عام 2029، ليصل إلى مستوى 105.6 ملايين برميل يوميًا، قبل أن تبدأ وتيرة النمو بالتراجع تدريجيًا في العقد المقبل.

وفي تقريرها السنوي الصادر مؤخرًا، أوضحت الوكالة أن الزيادة في الطلب خلال السنوات القليلة المقبلة ستكون ناتجة عن تباطؤ بعض العوامل التي كان يُعتقد أنها ستكبح استهلاك النفط، وعلى رأسها التحول نحو الطاقة النظيفة واعتماد السيارات الكهربائية.

وسلّط التقرير الضوء على تباطؤ تبنّي السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، والذي كان من المتوقع أن يُشكّل ركيزة لتقليص الاعتماد على النفط، إلا أن عوامل مثل انخفاض أسعار البنزين وغياب الدعم التشريعي الكافي أسهمت في تأجيل هذا التحول.

هذا التباطؤ دفع الوكالة إلى رفع توقعاتها للطلب العالمي على النفط بحلول عام 2030، بمقدار 1.1 مليون برميل يوميًا، مقارنة بتقديراتها السابقة، في إشارة إلى أن التحول في أنماط الاستهلاك لم يبلغ بعد الزخم الكافي للتأثير بقوة على السوق العالمية.

في المقابل، تأتي الصين بصورة مختلفة ضمن المعادلة، حيث رجحت الوكالة أن يبلغ الطلب الصيني على النفط ذروته في عام 2027، ليبدأ بعدها بالانخفاض نتيجة عوامل هيكلية داخل السوق الصيني تتعلق بالتوسع الكبير في بدائل الطاقة.

ويُعزى هذا التغير في الصين إلى النمو المتسارع في مبيعات السيارات الكهربائية، وتطور البنية التحتية للنقل، لا سيما شبكات القطارات فائقة السرعة، وكذلك الاتجاه نحو الشاحنات التي تعمل بالغاز الطبيعي، ما يقلص الحاجة إلى الوقود الأحفوري.

وتشير هذه التحولات إلى أن الصين، رغم كونها المحرك الأكبر لنمو الطلب العالمي في العقد الماضي، ستتراجع تدريجيًا عن هذا الدور، لتفسح المجال أمام مناطق أخرى قد تستمر في الاعتماد التقليدي على النفط لفترة أطول.

في هذا السياق، قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، إن المشهد النفطي العالمي لا يخلو من التحديات رغم المؤشرات الإيجابية المرتبطة بتوفر الإمدادات، مشيرًا إلى أن "المخاطر الجيوسياسية لا تزال تمثل تهديدًا حقيقيًّا لأمن الطاقة العالمي".

وأضاف بيرول أن وجود وفرة في الإمدادات لا يعني بالضرورة استقرارًا طويل الأمد، خاصة في ظل الأوضاع السياسية المتقلبة في عدد من مناطق الإنتاج الكبرى، والتي يمكن أن تُربك ميزان العرض والطلب في أي لحظة.

كما أشار إلى أهمية الاستعداد للتقلبات المحتملة في السوق، سواء من حيث استجابة السياسات الحكومية أو استثمارات الشركات الكبرى، مشددًا على أن مرونة قطاع الطاقة ستكون مفتاح الاستقرار في السنوات القادمة.

ويرى خبراء أن مواصلة الطلب العالمي في الارتفاع حتى عام 2029 يضع تحديات أمام خطط التحول الطاقي، لا سيما في الدول النامية التي ما زالت تعتمد بشكل كبير على النفط في قطاعات النقل والصناعة والطاقة.

ومع ذلك، تبقى التوقعات غير ثابتة، إذ إن أي تغيّرات تكنولوجية أو تشريعات تنظيمية قد تُسرّع التحول إلى مصادر طاقة نظيفة، خصوصًا إذا تم تحسين جدوى السيارات الكهربائية وخفض تكاليفها على المستهلكين.

وتوقعت الوكالة أيضًا أن التوسع في استخدام مصادر الطاقة البديلة مثل الهيدروجين والطاقة الشمسية والرياح سيأخذ حيزًا أكبر تدريجيًا، إلا أن هذا التحول ما زال بطيئًا في عدد من الأسواق التي تفتقر للبنية التحتية المناسبة.

ويعكس تقرير الوكالة صورة مزدوجة: من جهة ارتفاع في الاستهلاك حتى نهاية العقد، ومن جهة أخرى استعداد طويل الأمد للانتقال الطاقي، مما يجعل المرحلة القادمة حاسمة في تحديد المسار المستقبلي لصناعة النفط.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار