السعودية ترشح نفسها لعضوية مجلس الاتصالات الدولي وتُعزّز مكانتها الرقمية
السعودية ترشح نفسها لعضوية مجلس الاتصالات الدولي وتُعزّز مكانتها الرقمية
كتب بواسطة: احمد باشا |

في خطوة تؤكد مكانة المملكة العربية السعودية في المشهد التقني العالمي، أعلنت اليوم ترشحها رسميًا لعضوية مجلس الاتحاد الدولي للاتصالات للفترة القادمة، وذلك ضمن مساعيها المتواصلة للمشاركة الفاعلة في صياغة مستقبل الاتصالات وتقنية المعلومات على المستوى الدولي، الإعلان يأتي تتويجًا لدورها الريادي المتصاعد في هذا القطاع الحيوي.

الترشح يعكس التزام السعودية بالمشاركة في صنع السياسات والقرارات التقنية التي تواكب تحولات العالم الرقمي، لا سيما في ظل ما يشهده القطاع من تسارع كبير في الابتكار والتحول الرقمي، وتهدف المملكة من خلال هذا الترشح إلى تعزيز صوتها في المحافل الدولية، والدفع بأجندة تقنية عادلة وشاملة لكل الدول.

وجاء إعلان الترشح خلال مشاركتها في أحد الاجتماعات الدولية الخاصة بالاتحاد، وسط ترحيب من الوفود المشاركة التي أشادت بالدور المتنامي للمملكة في دعم البنية التحتية الرقمية، ومساهمتها في النقاشات العالمية بشأن السياسات المتعلقة بشبكات الاتصالات، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات الناشئة.

البيان الصادر عن الجهات المعنية أشار إلى أن السعودية تضع تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ضمن أولوياتها الاستراتيجية، انسجامًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تؤكد على أهمية التحول الرقمي والابتكار كركيزتين أساسيتين في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.

وعلى مدى السنوات الماضية، أثبتت المملكة قدرتها على التأثير الإيجابي في النقاشات التقنية الدولية، من خلال مشاركاتها الفاعلة في منظمات الأمم المتحدة المعنية، وبتبنيها لعدد من المبادرات التي ركزت على تعزيز الشمول الرقمي، وبناء القدرات التقنية في الدول النامية.

ويُعتبر مجلس الاتحاد الدولي للاتصالات أحد أهم الهيئات الحاكمة في النظام التقني العالمي، إذ يشرف على تنفيذ السياسات العامة، ومراجعة الخطط التشغيلية، وتحديد أولويات العمل في مجالات الترددات، والبنى التحتية الرقمية، والتقييس، وتنمية الاتصالات، وتضم عضويته عددًا محدودًا من الدول المؤثرة.

ويأتي ترشح المملكة ليؤكد ما حققته من تطور ملموس في معايير الاتصال والبنية الرقمية، حيث أصبحت من الدول الرائدة إقليميًا في سرعة الإنترنت، وجودة الخدمات الرقمية، وتغطية الجيل الخامس، كما تصدرت مؤشرات عدة في الابتكار الرقمي والتحول الحكومي الإلكتروني.

وفي هذا السياق، أكد مسؤولون سعوديون أن الترشح لا يهدف فقط إلى تمثيل وطني، بل يحمل في طياته التزامًا بمسؤولية أوسع نحو دعم الدول النامية، وتقديم نموذج عربي فاعل في الحوار التقني الدولي، ويأمل المسؤولون أن يكون للمملكة دور محوري في دعم السياسات التي تضمن استخدامًا آمنًا ومنصفًا للتقنيات الحديثة.

وتراهن المملكة في حملتها على سجلها المشرّف في التعاون مع المنظمات الدولية، بما في ذلك مساهماتها في بناء القدرات، ودعم مشروعات رقمية تنموية، وتنظيم فعاليات كبرى ناقشت تحديات الاتصالات، من الأمن السيبراني إلى الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، وقد استضافت السعودية بالفعل عدداً من المؤتمرات الدولية البارزة في هذا الإطار.

ومن المتوقع أن يشهد ترشح السعودية دعمًا من عدد من الدول الإقليمية والدول الصديقة، لا سيما تلك التي سبق لها التعاون مع المملكة في مشروعات تقنية أو حصلت على دعم في مبادرات رقمية، وهذا الحراك الدبلوماسي يعكس ثقة متزايدة في قدرة السعودية على تمثيل مصالح متعددة.

كما أشار مراقبون إلى أن السعودية باتت تملك بنية مؤسسية قوية تؤهلها للمشاركة الفاعلة في الهيئات الدولية، إذ قامت بإنشاء هيئات ومراكز متخصصة في التقنية والابتكار، وأطلقت برامج وطنية تعزز البحث والتطوير وتدعم ريادة الأعمال الرقمية، كل هذه الإنجازات تصب في مصلحة ترشحها.

التفاعل المحلي مع الخبر كان لافتًا، حيث عبّر عدد من الخبراء والأكاديميين في المملكة عن فخرهم بهذه الخطوة، معتبرين أنها تأكيد على ثقة العالم في القدرات التقنية السعودية، ودليل على نجاح السياسات الوطنية في خلق بيئة رقمية ناضجة وقادرة على المنافسة عالميًا.

وتسعى المملكة، من خلال هذا الترشح، إلى لعب دور فاعل في صياغة السياسات التنظيمية التي توازن بين حرية الوصول إلى التقنية وحماية الخصوصية، وبين الابتكار وحقوق المستخدمين، وهي قضايا محورية في أجندة الاتحاد الدولي للاتصالات خلال السنوات المقبلة.

ومن المرتقب أن تُجرى انتخابات عضوية المجلس في اجتماع الجمعية العامة للاتحاد خلال الأشهر المقبلة، حيث ستتنافس الدول على عدد محدود من المقاعد، وفق آليات تصويت متفق عليها، ويتوقع أن تعتمد المملكة في حملتها على شبكة علاقاتها الاستراتيجية ومكانتها المتنامية في الاقتصاد الرقمي.

بهذا الترشح، ترسّخ المملكة موقعها كلاعب رئيسي في مستقبل الحوكمة الرقمية الدولية، وتُعبّر عن رؤيتها لعالم أكثر ترابطًا، وأكثر عدالة رقمية، وأكثر تطورًا، فهل ستكون عضويتها خطوة جديدة نحو قيادة عربية فاعلة في الاقتصاد المعرفي العالمي؟

الأكثر قراءة
آخر الاخبار