استحواذ تكنولوجي
زلزال الذكاء الاصطناعي: هل تستحوذ أبل على "بيربليكسيتي" في صفقة تاريخية لإنقاذ مكانتها؟
كتب بواسطة: محمد سميح |

في ظل تسارع التطورات في قطاع الذكاء الاصطناعي، كشفت تقارير عن مناقشات داخلية أجراها كبار التنفيذيين في شركة "أبل" بشأن إمكانية الاستحواذ على شركة "بيربليكسيتي" الناشئة، والمتخصصة في البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي، هذه الخطوة، إن تمت، قد تمثل نقطة تحول استراتيجية لأبل التي تسعى إلى استدراك تراجعها الملحوظ أمام منافسيها في هذا المجال الحيوي.

وبحسب مصادر مطلعة نقلت عنها وكالة "بلومبرغ"، فإن أدريان بيريكا، رئيس قسم الاندماجات والاستحواذات في أبل، ناقش فكرة الاستحواذ مع إيدي كيو، رئيس قطاع الخدمات، وعدد من كبار مسؤولي الذكاء الاصطناعي في الشركة، وتشير هذه المحادثات إلى وجود اهتمام فعلي من أبل بضم تقنيات بيربليكسيتي إلى منظومتها الرقمية، خاصةً أن الأخيرة تقدم أدوات بحث ذكية تعتمد على توليد ملخصات دقيقة وفورية للمستخدمين.

حتى اللحظة، لا تزال هذه المباحثات في مراحلها الأولية، ولا توجد مؤشرات مؤكدة على أن أبل ستتقدم فعليًا بعرض رسمي، لكن مجرد التفكير في خطوة كهذه يعكس قلقًا داخليًا متصاعدًا من تأخر أبل عن ركب المنافسة، في وقت تضاعف فيه الشركات التقنية الكبرى استثماراتها لتثبيت أقدامها في عالم الذكاء الاصطناعي سريع التغير.

المثير أن شركة "ميتا"، المالكة لفيسبوك وإنستغرام وواتساب، كانت أيضًا في سباق الاستحواذ على بيربليكسيتي، ما يبرز القيمة الاستراتيجية المتزايدة لهذه الشركة الناشئة، وبدلًا من المضي في الصفقة، اختارت ميتا الاستثمار الضخم بقيمة 14،8 مليار دولار في شركة "Scale AI"، المتخصصة في تصنيف البيانات، وعينت مديرها التنفيذي ألكسندر وانغ لقيادة وحدة الذكاء الفائق الجديدة لديها.

من جهتها، كانت أبل تبحث منذ فترة عن طرق لتعزيز متصفحها "سفاري" بقدرات بحث ذكية، ربما على غرار ما تقدمه بيربليكسيتي، ما قد يؤدي في حال الاستحواذ إلى إعادة النظر في شراكتها التاريخية مع "غوغل"، التي لطالما وفرت محرك البحث الافتراضي على أجهزة أبل المحمولة والمكتبية.

ويأتي هذا في وقت تزداد فيه شعبية محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل "شات جي بي تي" و"بيربليكسيتي"، على حساب محركات البحث التقليدية، وخاصة بين المستخدمين من الفئات العمرية الشابة الذين يفضلون اختصار الوقت عبر أدوات ذكية تدمج بين البحث والإجابة الفورية.

وفي تحول مهم، أكملت بيربليكسيتي مؤخرًا جولة تمويلية ضخمة رفعت قيمتها السوقية إلى 14 مليار دولار، ما يجعل أي صفقة استحواذ عليها من أبل أكبر عملية شراء في تاريخ الشركة، وهو أمر غير معتاد من عملاق التكنولوجيا الذي غالبًا ما يتجنب الصفقات الضخمة لصالح التطوير الداخلي.

ورغم أن مساهمي أبل مؤخرًا تقدموا بدعاوى قضائية ضد الشركة بدعوى تضخيمها لتقدمها في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أن توجهها نحو الاستحواذ على شركات مثل بيربليكسيتي قد يمثل إجابة عملية على هذه الانتقادات، ويعيد رسم خارطة حضور أبل في مشهد المنافسة التكنولوجية.

بيربليكسيتي، المدعومة من شركة "إنفيديا" المتخصصة في صناعة الرقائق، تُعد من أبرز الشركات الناشئة في مجال البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وتقدم نماذج متقدمة في تلخيص المعلومات والردود التفاعلية الذكية، ما يجعلها منافسًا مباشرًا لمبادرات جوجل ومايكروسوفت في هذا المجال.

ومع ازدياد أهمية أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف التطبيقات الحياتية واليومية، يبدو أن معركة السيطرة على مستقبل البحث المعلوماتي قد بدأت بالفعل، وتلعب الشركات الناشئة المبتكرة مثل بيربليكسيتي دورًا محوريًا في هذا السباق.

إن كانت أبل جادة في نيتها تجاه بيربليكسيتي، فذلك سيكون إعلانًا صريحًا عن دخولها مرحلة جديدة من المنافسة الرقمية، بعد سنوات من الترقب والتطوير الهادئ، أما إذا قررت التراجع، فقد تجد نفسها في موقع متأخر أمام ميتا، وغوغل، وحتى مايكروسوفت التي سبقت الجميع بتحالفها مع "OpenAI".

ويبدو أن المشهد التقني العالمي يستعد لمرحلة إعادة تشكيل عميقة، حيث لم يعد امتلاك الأجهزة أو البرمجيات هو العامل الحاسم، بل القدرة على تقديم خدمات قائمة على الذكاء والاختصار والدقة في زمن باتت فيه المعلومة لا تنتظر.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار