رسم المدير الفني للمنتخب السعودي، الفرنسي هيرفي رينارد، ملامح خطة العبور إلى الدور ربع النهائي من بطولة كأس الكونكاكاف الذهبية، في مشاركته التاريخية الأولى في البطولة التي تُنظَّم خارج القارة الآسيوية، وجاءت تصريحات رينارد عقب نهاية الجولة الثانية من دور المجموعات، مؤكدًا أن الأخضر يمتلك المقومات الكافية للمنافسة والتقدم في أدوار البطولة.
وأكد رينارد أن المنتخب يسير وفق الخطة الموضوعة منذ بداية المعسكر التحضيري، مشيرًا إلى أن التجانس بين اللاعبين يتزايد مع كل مباراة، وأن الروح القتالية التي ظهر بها الفريق هي ما ستصنع الفارق في المواجهات القادمة، وعبّر عن رضاه بالمستوى الفني والانضباط التكتيكي الذي قدمه اللاعبون حتى الآن.
المنتخب السعودي كان قد حقق نتائج إيجابية خلال أول جولتين في دور المجموعات، ليضع قدمًا في الدور التالي، في انتظار الجولة الثالثة التي ستحدد ملامح الترتيب النهائي، ويرى رينارد أن الحذر مطلوب، لكن الثقة في النفس أيضًا مفتاح النجاح، داعيًا اللاعبين إلى التعامل مع كل لقاء كأنه نهائي.
المدرب الفرنسي أوضح أن البطولة تمثل فرصة فريدة لاكتساب مزيد من الخبرات أمام منتخبات ذات طابع بدني وتكتيكي مختلف، معتبرًا أن الالتحام مع مدارس كروية من أمريكا الشمالية والوسطى يسهم في صقل شخصية اللاعبين السعوديين، ويرفع من جاهزيتهم للمحافل الكبرى المقبلة.
واختار رينارد توزيع الجهد البدني للاعبين بشكل مدروس خلال المباريات، لتجنب الإرهاق وضمان استدامة العطاء طوال البطولة، حيث اعتمد مبدأ التدوير الجزئي داخل التشكيلة، مع الحفاظ على نواة أساسية ثابتة في مراكز المحور والدفاع، لضمان الاستقرار الفني في ظل ضغط المباريات.
وعلى المستوى الهجومي، ركز رينارد في الحصص التدريبية الأخيرة على تحسين استغلال الفرص أمام المرمى، حيث أظهرت الإحصائيات أن المنتخب يصنع العديد من الفرص لكنه لا يترجمها دائمًا إلى أهداف، ووجّه المدرب تعليماته بزيادة التركيز داخل منطقة الجزاء وتفعيل العرضيات بشكل أكثر فاعلية.
من جهة أخرى، أبدى رينارد سعادته بقدرة اللاعبين على تنفيذ التعليمات الفنية بشكل دقيق، مشيرًا إلى أن بعض الأسماء الشابة أثبتت جدارتها بالثقة، وقد تكون جزءًا من العمود الفقري للمنتخب في السنوات المقبلة، وأشاد بالانضباط العالي والانصهار السريع في منظومة اللعب الجماعي.
المنتخب السعودي، الذي يشارك بدعوة رسمية في بطولة الكونكاكاف للمرة الأولى، لاقى إشادات واسعة من الإعلام الرياضي في القارة الأمريكية، خاصة بعد ظهوره القوي أمام منتخبات ذات تصنيف متقدم، ويرى المتابعون أن الأداء المتوازن والانضباط التكتيكي ساعد في تغيير الصورة النمطية عن الكرة الآسيوية.
ويضع رينارد نصب عينيه هدفًا واضحًا، يتمثل في بلوغ الدور ربع النهائي كخطوة أولى، ثم البناء عليها للتقدم أبعد ما يمكن في البطولة، وأكد أن احترام الخصوم لا يعني التخلي عن الطموح، مشددًا على أن المنتخب السعودي جاء إلى الكونكاكاف للمنافسة وليس للمشاركة الشرفية.
وفي حديثه لوسائل الإعلام، قال رينارد إن اللاعبين باتوا يدركون حجم التحدي، وأنه طالبهم بتقديم كل ما لديهم، سواء في التغطية الدفاعية أو التحول السريع إلى الهجوم، مؤكدًا أن التطور الفني لا يتحقق إلا عبر المواجهات الكبرى، وأضاف: "كل دقيقة في البطولة درس.. وكل خصم تجربة جديدة".
وشدد المدرب على أن الأخضر يمتلك مزيجًا جيدًا من اللاعبين أصحاب الخبرة والشباب، وهي تركيبة تعزز من التوازن داخل الفريق، وتمنح المدرب مرونة تكتيكية واسعة خلال المباريات، كما نوّه إلى أن الدعم الإداري من الاتحاد السعودي لكرة القدم أسهم في تهيئة الأجواء المثالية للبعثة.
وفيما يتعلق بالمنافس المقبل، رفض رينارد الكشف عن تفاصيل خطته، لكنه أكد أن الجهاز الفني قام بتحليل الأداء الفني للمنتخب الخصم بدقة، مشيرًا إلى أن نقاط القوة والضعف أصبحت واضحة، وسيتم العمل عليها خلال التمارين القادمة لضمان أفضل تحضير ممكن.
ويرى المتابعون أن بصمة رينارد بدأت تظهر بوضوح على أسلوب لعب المنتخب السعودي، خصوصًا في تنظيم الخط الخلفي والتحولات السريعة، وهي السمات التي طالما ميّزت المنتخبات التي أشرف عليها سابقًا، مثل المغرب وزامبيا، وتُعد البطولة الحالية اختبارًا حقيقيًا لقدراته في بيئة تنافسية جديدة.
ومع اقتراب حسم بطاقة التأهل إلى ربع النهائي، تتعاظم آمال الجماهير السعودية في رؤية منتخبها يحقق إنجازًا غير مسبوق خارج نطاق قارة آسيا، ما يعكس تطور الكرة السعودية واستعدادها لخوض التحديات الدولية بثقة متزايدة واحترافية عالية.
