في خطوة جريئة تعكس حجم الطموح والإثارة المحيطة بمجال الذكاء الاصطناعي، قررت شركة xAI التابعة للملياردير إيلون ماسك رفع العائدات على طرح ديون جديدة بقيمة 5 مليارات دولار، في محاولة منها لجذب المستثمرين .
وإتمام الصفقة التي تنظر إليها الأسواق كفرصة نادرة للدخول المباشر في عالم الذكاء الاصطناعي، جاء ذلك في وقت تضع فيه مؤسسة "مورغان ستانلي" اللمسات النهائية على التزامات الطرح، وسط تحديات غير تقليدية واجهت هذه العملية التمويلية.
وبحسب ما نقلته وكالة "بلومبرغ"، فإن الشركة الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي تقف خلف تطوير روبوت الدردشة "غروك"، قدمت عروضاً أكثر سخاءً لجذب المستثمرين.
في وقت لا تزال فيه الشكوك قائمة بشأن استدامة نموذج أعمالها، خاصة في ظل الأرقام المالية التي أثارت القلق لدى بعض المستثمرين في وقت سابق من هذا الشهر.
وكان من اللافت أن خطوة زيادة العوائد تأتي عقب تراجع وتيرة الطلب على الطرح، والذي كان قد شهد في بدايته حماساً واسعاً حيث تجاوز حجم الطلب 3،5 مليار دولار، إلا أن ذلك الحماس بدأ يتراجع مع ظهور بيانات مالية توضح أن "xAI" تنفق قرابة مليار دولار شهرياً.
وسط إيرادات متوقعة لا تتجاوز نصف مليار دولار خلال العام الجاري، وهو ما ألقى بظلال من الشك على قدرتها في تغطية التكاليف الهائلة التي تتطلبها نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وتتضمن الحزمة الجديدة سندات بقيمة 3 مليارات دولار بعائد 12،5%، إلى جانب قرض محدد المدة بنفس العائد وقيمة مليار دولار، وقرض من الفئة "B" طويل الأجل يُسعّر عند 7،25 نقطة مئوية فوق السعر الأساسي.
مع خصم 96 سنتًا للدولار، بحسب المصادر، هذا التسعير الأعلى يعكس الحاجة المُلحّة لطمأنة المستثمرين وإقناعهم بجدوى ضخ الأموال في المشروع، رغم الظروف المحيطة به.
ومن المفارقة أن هذا العرض الجريء جاء في أسبوع شهد صفقات دين أخرى تميزت بالتشدد في السعر وتسريع المهل النهائية بسبب الطلب القوي.
مما يجعل خطوة "xAI" أكثر إثارة للانتباه، خصوصًا وأنها أُجبرت على تمديد مهلة تقديم العروض لتمنح المستثمرين وقتاً إضافياً للمراجعة والقرار.
يُذكر أن الشركة لا تكتفي بطرح السندات فحسب، بل قررت أيضًا جمع 4،3 مليار دولار من حقوق الملكية، إضافة إلى تعديل بعض شروط الديون المطروحة.
وهي محاولة واضحة لاحتواء المخاوف التي أثارها بعض المستثمرين عقب مراجعة الوثائق الأولية للطرح.
العامل السياسي لم يكن غائبًا عن المشهد، حيث ألقى الخلاف الأخير بين ماسك والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بظلاله على الصفقة.
وأثار تحفظات إضافية لدى بعض كبار المستثمرين الذين يرون في هذا النوع من التصعيد عنصر مخاطرة محتمل على مستقبل الشركة وعلاقاتها في واشنطن.
وفي وقت لا تزال فيه روبوتات المحادثة وأنظمة الذكاء الاصطناعي تشكل الساحة الأهم للابتكار التكنولوجي، تبدو "xAI" متأخرة بخطوات مقارنة بعملاق السوق "OpenAI"، التي من المتوقع أن تُحقق هذا العام إيرادات تقترب من 13 مليار دولار.
في حين لا تتعدى تقديرات "xAI" حاجز النصف مليار، ما يعكس فجوة كبيرة بين الشركتين في العائدات والتوسع التجاري.
غير أن ماسك، المعروف بمغامراته الاستثمارية عالية المخاطر، لا يبدو مستعدًا للتراجع، فمع تاريخ طويل من تحدي التيار السائد في مجالات متعددة.
يراهن الرجل مجددًا على أن جاذبية الذكاء الاصطناعي كقطاع مستقبلي ستحفز المستثمرين على المجازفة رغم الضبابية الحالية في الأرقام.
وبين الطموح الجريء والمخاوف المتزايدة، يبقى السؤال حول ما إذا كان العرض المعدل كافيًا لإنجاح هذا الطرح الضخم.
أم أن الشركة ستضطر لتقديم تنازلات إضافية أو البحث عن بدائل تمويلية أخرى في سوق لا يرحم التردد أو الغموض في الأرقام.
وفي كل الأحوال، تبقى صفقة "xAI" محطة اختبار حقيقية ليس فقط لجرأة ماسك الاستثمارية، بل أيضًا لمدى تعطش المستثمرين للمخاطرة في مجال يراه كثيرون بأنه يشكل ملامح الاقتصاد العالمي القادم.