الذهب يصمد وسط نيران الحرب
وسط أزمات لا تهدأ... الذهب والفضة يلمعان في وجه العاصفة
كتب بواسطة: هلال الحداد |

يعيش العالم لحظة اقتصادية دقيقة في ظل اشتعال الحرب بين إسرائيل وإيران، ما ألقى بظلال كثيفة على أسواق السلع العالمية، من النفط والقمح إلى الذهب والفضة. وبينما تتفاقم المخاوف الجيوسياسية وتتزايد التوترات في منطقة الخليج، يبحث المستثمرون عن ملاذات آمنة تعيد لهم بعضاً من التوازن في قراراتهم. وفي هذا السياق، تتوجه الأنظار إلى تحليلات أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في "ساكسو بنك"، الذي قدّم رؤية متعمقة لمستقبل الأسواق خلال مقابلة على قناة سكاي نيوز عربية.

وركّز هانسن على أن التوتر العسكري في الشرق الأوسط، لا سيما الحرب المستعرة بين طهران وتل أبيب، بات يشكل عامل ضغط رئيسي يعيد رسم معادلات العرض والطلب في أسواق الطاقة والمعادن. ورغم عدم تسجيل أي انقطاع فعلي في إمدادات النفط حتى اللحظة، إلا أن الخوف النفسي وحده يكفي لدفع الأسعار نحو مستويات مرتفعة. ويؤكد أن أي تحول ميداني مفاجئ قد يؤدي إلى انفجار في أسعار الطاقة، الأمر الذي يدفع الشركات نحو استراتيجيات تحوط صارمة.

الذهب، الذي لطالما اعتُبر الملاذ الأول في أوقات الأزمات، لا يزال يحتفظ ببريقه بحسب هانسن، الذي توقع أن ترتفع أسعاره لتصل إلى 4000 دولار للأونصة بنهاية هذا العام. ويرى أن العوامل المحركة لذلك تتوزع بين ضعف الدولار الأميركي المرتقب، واستمرار المخاطر الجيوسياسية، وتزايد مشتريات البنوك المركزية وعلى رأسها الصين وروسيا، التي تجاوزت حاجز 1000 طن سنويًا منذ عام 2022.

أما الفضة، فلم تعد في موقع الظل خلف الذهب، بل أصبحت هي الأخرى وجهة استثمارية رئيسية مدفوعة بارتفاع الطلب الصناعي، حيث تخطى سعرها 35 دولارًا للأونصة، وسط توقعات بأن تواصل الصعود نحو 40 دولارًا قريبًا. ويرى هانسن أن الفضة الآن تمثل تحوطًا مستقلاً، وليس تابعًا كما كان يُعتقد سابقًا.

وفي حين تتباين التقديرات بين البنوك العالمية بشأن مستقبل الذهب، تظهر مؤسسات مثل "غولدمان ساكس" و"يو بي إس" انحيازاً واضحاً نحو سيناريو تصاعدي، بينما يبدي "سيتي غروب" رؤية أكثر تشاؤمًا تتوقع انخفاض الأسعار في حال تحسن الاقتصاد العالمي. لكن هانسن يختلف معهم، مشيرًا إلى أن "العلاقة بين الذهب وأسعار الفائدة ليست خطية، وأن ارتفاع الفائدة لا يعني بالضرورة هبوطاً في أسعار المعدن الأصفر".

وتتضاعف أهمية هذه التحليلات في وقت تخوض فيه القوى الكبرى صراعًا اقتصاديًا يوازي الصراع العسكري، ففي حين تتكبد إسرائيل أكثر من 725 مليون دولار يوميًا في حربها، وتخسر مليارات بفعل شلل اقتصادي وهجرة داخلية، تغرق إيران في تضخم يتجاوز 50%، وبطالة شابة مرتفعة، وعقوبات كبّدتها أكثر من 270 مليار دولار منذ 2018.

ويخلص هانسن إلى أن الاستثمار الذكي في هذه المرحلة لا يتطلب مغامرة، بل استراتيجيات تحوط وتنويع دقيق، خاصة في المعادن والطاقة والحبوب، لأن الأسواق في النهاية لا تتأثر فقط بالصواريخ والمفاوضات، بل أيضاً بحركة الدولار وأسعار الفائدة وقرارات البنوك المركزية.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار