فعّل تجمع جازان الصحي مؤخرًا حزمة من خدمات الفحص المبكر للأطفال ذوي الإعاقة، في إطار التزامه بتعزيز الرعاية الصحية الشاملة وتقديم الدعم الطبي الوقائي للفئات الأشد حاجة، المبادرة تأتي كجزء من برامج وطنية تهدف إلى تحسين جودة الحياة وضمان حصول كل طفل على التشخيص المبكر والعلاج المناسب.
وانطلقت الخدمات الجديدة ضمن منظومة متكاملة من الجهود التوعوية والتشخيصية، تركز على الكشف المبكر عن الإعاقات الحركية والذهنية والتطورية لدى الأطفال، ويعمل التجمع على توسيع نطاق هذه الفحوصات لتشمل عدداً من المراكز الصحية والمستشفيات التابعة له في مختلف محافظات منطقة جازان.
ويُعد الفحص المبكر من الأدوات الحيوية التي تساهم في تقليل معدلات الإعاقة الدائمة، من خلال التعرّف على الحالات في مراحلها الأولى، مما يتيح التدخل العلاجي والتأهيلي الفعال في الوقت المناسب، وقد أظهرت الدراسات أن الكشف المبكر يرفع فرص تطور قدرات الطفل بنسبة تصل إلى 70% عند التعامل مع الحالة منذ البداية.
وأكد تجمع جازان الصحي أن الفرق الطبية المتخصصة في تقييم نمو الأطفال بدأت فعلياً في استقبال الحالات، مع تطبيق معايير تقييم دقيقة معتمدة من وزارة الصحة، وتضم هذه الفرق نخبة من أطباء الأطفال، وأخصائيي النطق، والعلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي، إلى جانب الدعم النفسي والاجتماعي للأسر.
وشملت هذه الخدمات الجديدة تدريب الكوادر الطبية والإدارية في مراكز الرعاية الأولية، لضمان جودة الخدمة وسرعة الإحالة إلى العيادات التخصصية في حال ظهور مؤشرات على وجود تأخر نمائي أو اضطرابات حركية أو ذهنية، ويأتي ذلك ضمن خطة متكاملة لتأهيل المراكز الصحية لتكون نقطة الانطلاق الرئيسية لبرامج الكشف والتدخل المبكر.
كما أطلق التجمع حملات توعوية ميدانية وإلكترونية لتعريف الأسر بأهمية الفحص المبكر ودوره في حماية مستقبل الطفل، وضرورة مراجعة مراكز الرعاية عند ملاحظة أي علامات غير طبيعية في النمو أو التواصل أو الحركة لدى الأطفال في مراحلهم الأولى.
وتعاون تجمع جازان الصحي مع عدد من الجهات التعليمية والاجتماعية بالمنطقة لتمكين الوصول إلى الأطفال في البيئات المختلفة، بما في ذلك المدارس ودور الحضانة ومراكز الرعاية النهارية، وذلك لضمان شمولية البرنامج وتوسيع دائرة المستفيدين منه.
ويهدف البرنامج إلى تعزيز مبدأ الشراكة المجتمعية من خلال إشراك أولياء الأمور كمكون أساسي في عملية التشخيص والرعاية، مع توفير الإرشاد الأسري والدعم النفسي لمساعدتهم على فهم الحالة وكيفية التعامل معها بشكل سليم يحقق أفضل النتائج.
وفي خطوة لتعزيز تكامل الرعاية، يعمل التجمع على ربط خدمات الفحص المبكر بسجلات صحية رقمية موحدة، تتيح متابعة الحالة الصحية للطفل منذ ولادته وحتى مراحل تطوره، مع ضمان سرية البيانات وتوفير معلومات دقيقة للفرق الطبية لتوجيه الخطة العلاجية المناسبة.
وشدد مسؤولو التجمع على أن الهدف ليس فقط الاكتشاف المبكر، بل تأسيس بيئة صحية داعمة تُمكّن الأطفال من الوصول إلى أقصى قدراتهم، عبر برامج تأهيلية تراعي الجوانب الجسدية والنفسية والتعليمية، بالتعاون مع كافة القطاعات ذات العلاقة.
ويأتي هذا التحرك ضمن إستراتيجية أوسع يتبناها تجمع جازان الصحي لتوسيع نطاق خدمات الصحة المجتمعية والوقائية، بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030 في تحسين جودة الحياة وتمكين جميع فئات المجتمع من الحصول على رعاية صحية عادلة وشاملة.
وأشار مختصون في طب الأطفال إلى أن الفحص المبكر لا يقتصر فقط على كشف الإعاقة، بل يشمل أيضاً مراقبة النمو الطبيعي وتحديد أي مؤشرات لتأخر في النطق أو الحركة أو الإدراك، مما يساعد في وضع خطط علاجية فردية لكل طفل بحسب احتياجاته.
ومن خلال هذه المبادرة، يأمل تجمع جازان الصحي أن يعيد تشكيل مفهوم الرعاية الوقائية في المجتمع، عبر تعزيز ثقافة الكشف المبكر لدى الأسر، وتحفيزهم على مراجعة المراكز الصحية بشكل دوري، بما يسهم في بناء جيل أكثر صحة واستعداداً للمستقبل.
وأكدت بعض الأسر المستفيدة من البرنامج أن الخدمات المقدمة خففت من القلق والتوتر المرتبط بالحالة الصحية لأطفالهم، وأنها مكنتهم من الحصول على استشارات طبية وتقييمات شاملة ساعدتهم في اتخاذ خطوات علاجية واضحة ومبكرة.
وتعكس هذه الخطوة التزام تجمع جازان الصحي بتقديم خدمات صحية نوعية ترتقي إلى تطلعات المجتمع، وتمنح كل طفل فرصة عادلة في النمو والتطور، وهو ما يُعد تجسيدًا فعليًا لقيم العدالة والشمول في الرعاية الصحية.