بعد 10 سنوات من العمى.. استعادة بصر مريض في تبوك بزراعة قرنية
بعد 10 سنوات من العمى.. استعادة بصر مريض في تبوك بزراعة قرنية
كتب بواسطة: مختار العسلي |

شهدت منطقة تبوك قصة طبية ملهمة أعادت الأمل لمريض عانى من ضعف شديد في الإبصار استمر قرابة عشر سنوات، قبل أن يتمكّن فريق طبي متخصص من منحه فرصة جديدة للرؤية، في إنجاز يعكس التطور الملحوظ الذي تشهده الخدمات الصحية في المملكة.

المريض، وهو في العقد الخامس من العمر، كان يعاني من تدهور مستمر في قدرته البصرية بسبب إصابة مزمنة في قرنية العين، تسببت في تراجع النظر إلى مستويات حرجة، حدّت بشكل كبير من قدرته على ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي.

طوال سنوات، لجأ المريض إلى محاولات متعددة للعلاج، بعضها تقليدي وبعضها جراحي، داخل وخارج المملكة، دون أن يحقق تحسنًا ملموسًا، مما أثر على حالته النفسية ودفعه إلى فقدان الأمل في إمكانية استعادة بصره.

لكن التغير المفصلي جاء عندما راجع المريض أحد المستشفيات المتخصصة في منطقة تبوك، حيث استقبله فريق طبي في قسم العيون، وبعد سلسلة من الفحوص الدقيقة، تبين وجود أمل في تحسين حالته عبر تدخل جراحي دقيق ومتقدّم.

الفريق الطبي قرر إجراء عملية زراعة قرنية باستخدام تقنيات حديثة، بعد التأكد من ملاءمة الحالة لإجراء مثل هذا النوع من العمليات التي تُعد من أدق وأعقد جراحات العيون، وتتطلب تجهيزات متخصصة وخبرة عالية.

تمت العملية بنجاح، واستغرقت عدة ساعات داخل غرفة العمليات، حيث جرى خلالها استبدال القرنية المتضررة بأخرى سليمة تم الحصول عليها وفق بروتوكولات معتمدة، مع الحرص على استخدام تقنيات متقدمة لتقليل نسب الرفض وتحسين فرص التعافي.

في اليوم التالي للعملية، بدأ المريض يشعر بتحسن تدريجي في الرؤية، وهو ما شكّل لحظة عاطفية مؤثرة له ولعائلته، الذين لم يتمالكوا دموعهم حين أخبرهم الفريق الطبي أن العملية نجحت وأن البصر بدأ يعود تدريجيًا.

وبحسب إفادة الفريق المعالج، فإن استعادة النظر الكلي ستتم على مراحل، تبدأ بتحسن تدريجي على مدى أسابيع، يتخللها متابعة دقيقة لتفادي أي مضاعفات، وتقييم الاستجابة للعلاج الداعم ما بعد الجراحة.

الفريق الطبي أكد أن العامل الأهم في نجاح العملية كان توقيت التدخل، وتوفّر الإمكانات التقنية والكوادر المؤهلة، مشيرًا إلى أن توافر هذه الإمكانيات في مستشفيات المناطق الطرفية مثل تبوك يمثل نقلة نوعية في توزيع الخدمات الصحية المتخصصة.

من جانبهم، عبّر ذوو المريض عن امتنانهم العميق للطاقم الطبي ولوزارة الصحة، مشيرين إلى أن ما حدث لم يكن مجرد تدخل جراحي، بل استعادة لحياة كاملة كانت شبه متوقفة بسبب الإعاقة البصرية.

وزارة الصحة باركت عبر قنواتها الرسمية هذا الإنجاز، مؤكدة أن تحسين جودة الحياة للمرضى هو أحد مستهدفات التحول الصحي، وأن دعم التخصصات الدقيقة في جميع مناطق المملكة جزء من إستراتيجية تقليص الحاجة للتحويل إلى مستشفيات مركزية.

ويُعد هذا النجاح تتويجًا لجهود تحسين البنية التحتية الصحية في مناطق الشمال، إذ تم خلال السنوات الأخيرة دعم مستشفيات تبوك بعدد من التخصصات الدقيقة، إلى جانب تطوير غرف العمليات وتوفير التجهيزات المتقدمة.

كما أكد مختصون أن حالات مثل هذه تسهم في رفع الوعي المجتمعي حول أهمية الفحص المبكر لأمراض العيون، وضرورة المتابعة الدورية خاصة لدى من يعانون من أمراض مزمنة كالسكري والضغط، والتي قد تؤدي إلى تدهور النظر مع الوقت.

هذا الإنجاز ليس فقط دلالة على التقدم الطبي، بل أيضًا على التغير النوعي في تجربة المريض داخل النظام الصحي السعودي، حيث بات الوصول إلى خدمات متقدمة ممكنًا حتى في المناطق البعيدة عن المراكز الكبرى.

وتظل مثل هذه القصص شاهدة على الجهود المستمرة لتحسين الرعاية الصحية في المملكة، وتعكس أثر الاستثمار في تطوير الكوادر والبنية التحتية والتقنيات الطبية التي تضع مصلحة الإنسان في صدارة الأولويات.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار