الكعبة المشرفة
بـ 1415 كيلوجراماً من الحرير والذهب.. تعرف على تفاصيل "كسوة" الكعبة المشرفة الجديدة
كتب بواسطة: مختار العسلي |

تستعد الكعبة المشرفة في مكة المكرمة لاستقبال عام هجري جديد بحلة زاهية من الجلال والجمال، حيث تبدأ الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي مراسم تغيير كسوة الكعبة مطلع شهر محرم 1447هـ، في تقليد سنوي يجسد اهتمام المملكة العربية السعودية برعاية أقدس بقاع الأرض.

وتُعد مراسم تغيير كسوة الكعبة من أبرز الشعائر الرمزية التي تعكس قدسية المكان، وتلفت أنظار المسلمين من مختلف أنحاء العالم، حيث تتزامن مع بداية العام الهجري الجديد، وتتم في أجواء روحانية يسودها الخشوع والإجلال.

وتأتي هذه المناسبة بعد أشهر من الجهود المتواصلة في مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، الواقع في حي أم الجود بمكة المكرمة، حيث تم الانتهاء مؤخرًا من كافة مراحل تصنيع الكسوة الجديدة، والتي استغرقت 11 شهرًا من العمل المتقن والدقيق.

ويخضع إنتاج الكسوة لمراحل متعددة تبدأ بتحلية المياه المستخدمة وفق معايير دقيقة، تليها عمليات الغسيل، وصباغة الحرير الخام باللون الأسود المعروف، ثم مراحل النسيج والطباعة والتطريز، وصولًا إلى التجميع والفحص النهائي لضمان أعلى درجات الجودة.

وتتميز كل مرحلة من مراحل الإنتاج بدقة متناهية، بدءًا من نسج الأقمشة المنقوشة والسادة، مرورًا بطباعة الآيات القرآنية بأسلوب هندسي فني فائق، ثم تثبيت الزخارف المذهبة، وتطريز الآيات بخيوط من الفضة والذهب الخالص.

ويشرف على عملية الإنتاج نخبة من الكوادر الوطنية المتخصصة في الحياكة والنسيج والخط العربي، والذين يتمتعون بخبرات عالية في التعامل مع المواد الفاخرة والدقيقة التي تُستخدم في إنتاج هذه الكسوة الاستثنائية.

ومن المقرر أن تنقل الكسوة الجديدة من المجمع إلى المسجد الحرام في مقطورة مخصصة لهذا الغرض، تتميز بعناية فائقة واحتياطات دقيقة لحماية الكسوة من أي تلف أو ضرر خلال عملية النقل.

وتبدأ مراسم فك المذهبات من الكسوة القديمة بعد صلاة العصر يوم الأربعاء 29 ذو الحجة 1446هـ، تمهيدًا لاستبدالها فجر الخميس، الأول من شهر محرم 1447هـ، في احتفال سنوي يشهد حضور فرق فنية مختصة تعمل بتنسيق وانسجام كبيرين.

وتتكون الكسوة الجديدة من 47 قطعة من الحرير الأسود المنقوش، مطرزة بعناية بـ 68 آية قرآنية، باستخدام خيوط من الفضة المطلية بالذهب عيار 24، ويبلغ وزن الكسوة الإجمالي نحو 1415 كيلوجرامًا، ما يعكس ضخامتها وفخامة تصميمها.

ويتم تثبيت الكسوة الجديدة على جدران الكعبة بحرص شديد، من خلال خياطة متقنة تُراعى فيها أدق التفاصيل، بدءًا من الزوايا وحتى التقاء الأطراف، بحيث تبدو متماسكة ومتناغمة على كامل البناء الشريف.

ولا تقتصر الكسوة على الجماليات فقط، بل تحمل في طياتها معاني روحية عميقة، إذ تمثل رمزًا للعناية الإلهية وتوحيد المسلمين في مشهد جمالي موحّد، يعزز روح الانتماء الديني والارتباط بالمكان المقدس.

ويأتي هذا العمل السنوي في إطار عناية المملكة العربية السعودية بالحرمين الشريفين، وحرصها الدائم على تجديد ملامحهما بما يليق بمكانتهما في قلوب المسلمين، وتقديم أفضل ما يمكن من خدمات ورعاية لضيوف الرحمن.

وقد تحوّلت كسوة الكعبة المشرفة على مر العصور إلى معلم حضاري وفني فريد، يجمع بين المهارة اليدوية الفائقة والفن الإسلامي الراقي، وتُعد مصدر فخر للصناعة الوطنية السعودية التي تتولى تنفيذها بكل احترافية وإخلاص.

وتُعد كسوة الكعبة المشرفة من أبرز ما يرمز إلى وحدة الأمة الإسلامية، ويجسد الاهتمام المادي والمعنوي الذي توليه قيادة المملكة لأقدس مكان على وجه الأرض، في رسالة واضحة للعالم عن اهتمام المملكة بتعظيم شعائر الله.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار