أسعار النفط
رغم ارتفاع الأسعار.. النفط يسجل تراجعًا أسبوعيًا حادًا
كتب بواسطة: حمادة صالح |

يتجه سوق النفط العالمي نحو تسجيل تراجع أسبوعي ملموس، مع انحسار التوترات الجيوسياسية التي كانت تضغط على الإمدادات في الشرق الأوسط، رغم بعض الانتعاش السعري الطفيف في تعاملات اليوم الجمعة بدعم من عوامل موسمية تتعلق بالطلب.

ويُعزى هذا التراجع إلى استمرار وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، وهو ما أسهم في تهدئة المخاوف من تصعيد عسكري في منطقة الخليج، التي تعد إحدى أبرز مناطق إنتاج وتصدير النفط الخام في العالم.

ورغم التهدئة الجيوسياسية، سجلت أسعار النفط اليوم بعض الارتفاع المحدود، مدفوعة بزيادة موسمية في استهلاك الوقود بالولايات المتحدة، مع دخول موسم السفر الصيفي الذي يشهد تقليديًا نشاطًا متزايدًا في التنقلات البرية.

وفي التفاصيل، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت في التعاملات المبكرة يوم الجمعة بمقدار 34 سنتًا، أي ما يعادل 0.5%، لتصل إلى مستوى 68.07 دولارًا للبرميل، في وقت سجل فيه خام غرب تكساس الوسيط الأميركي صعودًا بنسبة 0.51% ليبلغ 65.57 دولارًا.

إلا أن هذه الزيادات المحدودة لم تنجح في تعويض الخسائر الأسبوعية الكبيرة التي لحقت بالخامين القياسيين، حيث يتجه كل منهما لإنهاء الأسبوع بانخفاض يُقدّر بحوالي 12%، في ظل ضغوط مستمرة على معنويات المستثمرين.

ويأتي التراجع الحاد بعد أسابيع من القلق المتصاعد بشأن احتمالية اندلاع نزاع أوسع بين إيران وإسرائيل، ما كان يُهدد بإرباك الإمدادات النفطية من مضيق هرمز، الشريان الحيوي لتدفقات الطاقة العالمية.

غير أن صمود الاتفاق المؤقت لوقف إطلاق النار ساهم في تهدئة الأسواق، وقلل من احتمالات حدوث انقطاعات مفاجئة في الإنتاج أو النقل، وهو ما دفع المستثمرين إلى إعادة تقييم مستويات المخاطرة في تعاملاتهم.

وفي المقابل، ساعد ارتفاع الطلب الأميركي على الوقود في احتواء بعض الخسائر، حيث بدأت شركات التكرير في العمل بكامل طاقتها تقريبًا، تلبيةً لحاجة السوق في ذروة موسم القيادة الذي يمتد من يونيو إلى أغسطس.

وأظهرت بيانات الطاقة الأميركية الأخيرة انخفاضًا ملحوظًا في مخزونات البنزين، ما يعكس زيادة في الاستهلاك المحلي، في حين توقعت مؤسسات الطاقة أن يستمر هذا التوجه خلال الأسابيع المقبلة، مدفوعًا بنمو في حركة السفر.

وبينما حافظت الأسواق على نظرة حذرة، لم يستبعد مراقبون عودة التقلبات مجددًا في حال حدوث أي تطورات أمنية مفاجئة في الشرق الأوسط، مؤكدين أن الهدوء الحالي يظل هشًا وقابلًا للتبدد في أي لحظة.

وفي هذا السياق، أشار عدد من المحللين إلى أن الأسعار قد تشهد تذبذبًا محدودًا على المدى القصير، في ظل تضارب العوامل ما بين تهدئة سياسية مؤقتة وزيادة موسمية في الطلب، تقابلها مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي.

ويُعد التراجع الأسبوعي الحالي هو الأعمق منذ أشهر، ما يثير تساؤلات حول قدرة السوق على الحفاظ على مكاسبها السابقة، خاصة في ظل التوقعات المتزايدة بأن يواصل الفيدرالي الأميركي سياسة التشديد النقدي.

كما أبدى بعض المستثمرين مخاوف من أن تؤثر أسعار الفائدة المرتفعة على النمو الاقتصادي العالمي، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع في الطلب على الطاقة خلال الربعين الثالث والرابع من العام الحالي.

في الوقت ذاته، تتجه الأنظار إلى اجتماع أوبك+ القادم، حيث من المنتظر أن تناقش الدول الأعضاء الخيارات المطروحة بشأن مستويات الإنتاج، في محاولة لضبط التوازن بين العرض والطلب، والحفاظ على استقرار السوق.

ويظل مستقبل أسعار النفط مرهونًا بعدة عوامل متشابكة، على رأسها التطورات الجيوسياسية، والسياسات النقدية الكبرى، ومعدلات الاستهلاك، فضلاً عن التغيرات المناخية التي باتت تفرض واقعًا جديدًا على حركة الطاقة العالمية.