بعد وداع السعودية بطولة الكأس الذهبية أمام المكسيك .. هل بدأ العد التنازلي لرحيل رينارد؟
بعد وداع السعودية بطولة الكأس الذهبية أمام المكسيك .. هل بدأ العد التنازلي لرحيل رينارد؟
كتب بواسطة: سعيد الصالح |

أطلق الفرنسي هيرفي رينارد المدير الفني للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم، تصريحات حادة عقب خروج الأخضر من بطولة الكأس الذهبية، بعدما تلقى خسارة موجعة أمام منتخب المكسيك في دور الـ 16 من المسابقة القارية، والتي تحتضنها الولايات المتحدة الأمريكية منذ منتصف يونيو الجاري وحتى منتصف يوليو المقبل.

ولم يتردد رينارد في الاعتراف بمسؤوليته الكاملة عن هذه النتيجة السلبية، حيث قال في المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد نهاية المباراة، إنه أخطأ في اتخاذ بعض القرارات خلال الأوقات الحرجة من المواجهة، مشيرًا إلى أن هذا جزء من طبيعة كرة القدم، وأن الشعور بالندم لا يفيد بعد فوات الأوان.

وقد فشل المنتخب السعودي في مجاراة نسق المباراة الذي فرضه المكسيكيون منذ البداية، حيث تلقى هدفين دون أن ينجح في الرد، في مباراة كشفت عن فجوة واضحة في المستوى الفني والذهني بين الفريقين، رغم التحضيرات المكثفة التي سبقت البطولة، والتفاؤل الذي رافق البعثة السعودية إلى أمريكا.

وبدا رينارد واقعيًا في تحليله لما جرى، حيث أكد أن هذه المشاركة كانت فرصة مهمة للاعبي المنتخب لاكتساب الخبرة، خصوصًا أن الاحتكاك بكرة القدم القادمة من قارة أمريكا الشمالية والوسطى يختلف كثيرًا عن بيئة المنافسات في آسيا، وهو ما قد يكون مفيدًا جدًا في قادم الاستحقاقات.

وشدد المدرب الفرنسي على أهمية تحويل هذه الخسارة إلى نقطة انطلاق نحو ما هو أهم، موضحًا أن التركيز ينبغي أن يتجه الآن نحو التصفيات الآسيوية القادمة، وبالتحديد مباريات ملحق آسيا في شهر أكتوبر، والتي ستحدد مصير الأخضر في طريقه إلى كأس العالم المقبلة للأندية.

ورغم الخروج المبكر، لم يخلُ حديث رينارد من إشارات تدعو للتفاؤل، حيث قال إن المنتخب المكسيكي لم يظهر بأفضل مستوياته خلال المباراة، وإن اللاعبين السعوديين حاولوا تنفيذ التعليمات بالضغط على الدفاع المكسيكي، لكن التنفيذ لم يكن بالجودة المطلوبة، مما سمح للمكسيك بفرض أسلوبها.

ولم تكن تصريحات رينارد فقط مراجعة فنية لأحداث المباراة، بل حملت بين سطورها رسالة ضمنية إلى الشارع الرياضي السعودي، مفادها أن عملية بناء منتخب قوي لا تتم بين ليلة وضحاها، وأن الخسارة يجب ألا تتحول إلى إحباط، بل إلى تجربة تُبنى عليها النجاحات المستقبلية.

فالخروج من الكأس الذهبية لم يكن فقط ضربة فنية للأخضر، بل أيضًا اختبارًا حقيقيًا لقدرة الفريق على المنافسة في بطولات ذات طابع بدني وتكتيكي مختلف، ما يطرح تساؤلات حول مدى جاهزية العناصر الحالية للمنافسة في المحافل الدولية، بعيدًا عن الإطار الآسيوي المعتاد.

ويأتي هذا الإقصاء في وقت حساس، حيث يعيش المنتخب السعودي مرحلة انتقالية منذ مشاركته في مونديال قطر 2022، حيث تم استدعاء وجوه جديدة ومنح الفرصة لعدد من اللاعبين الشباب، في محاولة لتجديد دماء الفريق وتأسيس جيل قادر على المضي بعيدًا في الاستحقاقات القادمة.

وتفتح هذه الخسارة الباب أمام تقييم شامل لخيارات الجهاز الفني، سواء من حيث أسلوب اللعب أو الخيارات الفردية، خاصة وأن رينارد لم يخفِ في تصريحه أن بعض قراراته لم تكن صائبة، ما قد يُقرأ كاعتراف ضمني بالحاجة إلى مراجعة عميقة قبل خوض تصفيات أكتوبر.

وقد عبرت الجماهير السعودية التي كانت تأمل في ظهور قوي للأخضر في بطولة الكأس الذهبية، عن خيبة أملها عبر منصات التواصل، مطالبةً بضرورة معالجة الأخطاء الفنية، والعمل على تطوير جودة الأداء قبل الدخول في معترك التصفيات المصيرية المؤهلة لكأس العالم للأندية.

وتحظى بطولة الكأس الذهبية بأهمية خاصة، كونها تقام في أجواء تنافسية عالية وتشهد مشاركة منتخبات ذات مدارس كروية متنوعة، مما يجعلها منصة مثالية لتقييم أداء اللاعبين ومدى انسجامهم مع الخطط التكتيكية المعدة، وهو ما فشل فيه المنتخب السعودي هذه المرة.

ويبدو أن هيرفي رينارد، رغم الخسارة، لا ينوي التخلي عن مشروعه مع الأخضر، بل يسعى لتوظيف دروس الكأس الذهبية في إعداد الفريق للاستحقاقات المقبلة، حيث أكد في تصريحاته أن بطولة أمريكا انتهت ولكن الأهم لم يبدأ بعد، في إشارة إلى أن التصفيات القادمة هي الهدف الحقيقي.

وتأتي تصريحات المدرب الفرنسي بعد سلسلة من التساؤلات التي طُرحت بشأن مستقبل المنتخب، وما إذا كان سيستمر في الاعتماد على نفس النهج، أم سيُجري تغييرات جوهرية على مستوى التشكيل والتكتيك، خصوصًا مع تكرار الإخفاقات في المحطات الحاسمة.

واعتبر مراقبون للشأن الرياضي المحلي أن الخروج من الكأس الذهبية ليس نهاية المطاف، بل بداية لمسار تصحيحي يجب أن تشارك فيه جميع الأطراف، من جهاز فني واتحاد كرة ولاعبين، من أجل إعادة بناء منظومة قادرة على المنافسة الفعلية في البطولات القارية والدولية.

ولم تُغفل وسائل الإعلام الأجنبية تصريحات رينارد، حيث تداولت عدة منصات تحليلات حول أسباب إخفاق المنتخب السعودي، مشيرة إلى أن التحدي المقبل سيكون في كيفية تجاوز هذا التعثر، خصوصًا مع بقاء أشهر قليلة فقط على انطلاق ملحق آسيا.

يذكر أن الجهاز الفني مطالب الآن بالعمل على الجوانب التكتيكية والذهنية، وتحليل الأداء الجماعي والفردي للمباريات التي خاضها الفريق في البطولة، من أجل تحديد مكامن الضعف، ومعالجتها قبل الاصطدام بمنتخبات آسيوية طامحة في ملحق أكتوبر المقبل.

وبينما يستمر الجدل حول جدوى المشاركة في بطولات لا تندرج ضمن الأجندة الآسيوية، يبقى الأكيد أن احتكاك الأخضر بمنتخبات بحجم المكسيك سيكون له أثر على المدى البعيد، بشرط أن يتم استثماره بالشكل الأمثل، وأن تُترجم هذه التجربة إلى تطوير حقيقي داخل الميدان.