بدأت السوق المالية السعودية اليوم تطبيق تعديل جديد على وحدات التغير السعري، في خطوة تنظيمية تهدف إلى تعزيز كفاءة السوق وتحسين تجربة المستثمرين، بما يتماشى مع المعايير العالمية وتطور البنية التقنية للمنظومة المالية في المملكة.
ويأتي هذا التعديل ضمن الإجراءات التطويرية التي تتبناها هيئة السوق المالية وشركة "تداول السعودية"، في إطار تحديث آليات التداول ورفع مستوى الشفافية، بما يُسهم في دعم السوق بوصفه أحد أعمدة رؤية المملكة 2030.
ويشمل القرار تعديل وحدات التغير السعري على بعض الأوراق المالية المدرجة، بناءً على مستويات الأسعار، حيث ستصبح هذه التغيرات أكثر تدرجًا ودقة، ما يُمكّن المستثمرين من اتخاذ قراراتهم بناءً على نطاق سعري أضيق وأكثر واقعية.
وبحسب الإفصاحات الرسمية، فإن وحدة التغير السعري الجديدة تم تحديدها وفق مستويات سعر السهم، فكلما ارتفع السعر، زادت دقة التغير، بما يحدّ من التقلبات المفاجئة ويمنح المتداولين وضوحًا أكبر في عمليات الشراء والبيع.
وتستهدف الآلية المعدّلة الحد من تقلبات الأسعار غير المبررة، وتشجيع التداول النشط والمنضبط، وهو ما يُشكل عاملًا محوريًا في استقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، خاصة مع التوسع الملحوظ في الإدراجات الجديدة.
وكانت السوق المالية السعودية قد اختبرت هذا التعديل على مراحل تجريبية، شملت مجموعة من الأوراق المالية، وأثبتت التجربة نجاحًا ملحوظًا في تحسين جودة تنفيذ الأوامر وتقليل الفروقات السعرية بين العروض والطلبات.
وبدءًا من اليوم، سيلاحظ المستثمرون الفرق في آلية تحرك الأسعار، حيث سيُصبح التغير أكثر دقة في الأسهم التي تتجاوز أسعارها مستويات معينة، مما يعكس القيم الحقيقية بشكل أكثر توازنًا ويقلل فرص التلاعب السعري.
وأشادت مؤسسات استثمارية محلية ودولية بهذه الخطوة، معتبرة أنها تسهم في تعزيز جاذبية السوق السعودية، التي باتت محط أنظار المستثمرين حول العالم، خاصة بعد انضمامها إلى مؤشرات الأسواق الناشئة في الأعوام الأخيرة.
ويُعد هذا التعديل جزءًا من منظومة تطويرية متكاملة تبنتها "تداول السعودية" لتحديث البنية التحتية للسوق، حيث سبقه إطلاق نظام التداول الجديد "أكسسترا"، وتحديثات على أطر الحوكمة والإفصاح، بما يواكب النمو السريع الذي يشهده السوق.
وأكدت "تداول" أن التعديل الجديد سيُطبق على جميع فئات المستثمرين، أفرادًا ومؤسسات، مع عدم الحاجة لاتخاذ إجراءات خاصة من قبل المتداولين، إذ يتم التحديث تلقائيًا عبر أنظمة التداول المعتمدة لدى شركات الوساطة.
الخبراء أكدوا أن هذا النوع من التعديلات يعزز من انضباط السوق ويمنحها مرونة أعلى، حيث يُمكن التفاعل مع تحركات الأسعار بشكل أكثر فاعلية، دون الوقوع في فجوات سعرية حادة أو أوامر غير منطقية.
ويأتي هذا التغيير في وقت تشهد فيه السوق المالية السعودية نشاطًا متزايدًا على مستوى الطروحات والاكتتابات، وهو ما يجعل من الضروري تهيئة بيئة تداول دقيقة تتسم بالعدل والشفافية، وتقلل من فرص المضاربة العشوائية.
كما يتماشى التعديل مع توجه الهيئة نحو الارتقاء بمستوى الحوكمة والكفاءة، حيث تُسهم التغيرات السعرية المدروسة في تعزيز انضباط السيولة وتوجيهها نحو استثمارات مستدامة ذات جدوى طويلة الأجل.
ومن المتوقع أن يكون لهذا التعديل أثر إيجابي على سلوك المتداولين، خاصة الجدد منهم، من خلال ضبط إيقاع السوق وتقليل المخاطر الناتجة عن التغيرات الحادة، مما يسهل فهم حركة السوق واتخاذ قرارات استثمارية مبنية على بيانات أكثر دقة.