حذّر خبير الأرصاد الجوية جمال إبراهيم من التداعيات المتفاقمة لظاهرة الاحتباس الحراري، مؤكدًا أن هذه الظاهرة تمثل أحد أبرز الأسباب وراء موجات الحرارة المتزايدة التي يشهدها العالم حاليًا، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة خلال فصول السنة الأربعة.
وقال إبراهيم، في مداخلة هاتفية عبر قناة "العربية"، إنّ فترات الحرارة في الماضي كانت أقصر زمنيًا وأقل حدة، مقارنة بما يعيشه العالم حاليًا، لافتًا إلى أن التغير المناخي لم يعد مجرد قضية بيئية فحسب، بل أصبح تحديًا يؤثر على تفاصيل الحياة اليومية في جميع القارات.
وأضاف أن الاحتباس الحراري لا يظهر بشكل مفاجئ أو على مدار عام أو عامين، بل يتراكم أثره على مدى ثلاثة أو أربعة عقود، موضحًا أن الفارق يصبح جليًا فقط عند المقارنة طويلة المدى في درجات الحرارة والسلوك المناخي العام.
وأشار الخبير إلى أن البيانات المناخية المسجلة منذ منتصف القرن العشرين تُظهر بوضوح نمطًا تصاعديًا في معدلات الحرارة، مؤكدًا أن هذا النمط يتسارع بوتيرة مقلقة، خاصة في ظل غياب إجراءات حاسمة وجماعية للحد من الانبعاثات الكربونية.
وبيّن أن ملامح الفصول الأربعة بدأت تتغير بشكل واضح، مشيرًا إلى أن فصل الصيف أصبح يمتد لفترات أطول ويتميز بدرجات حرارة شديدة وغير معتادة في بعض المناطق، بينما تحوّل فصل الربيع إلى ما يشبه بداية مبكرة للصيف من حيث الطقس.
وفي السياق نفسه، أوضح أن فصل الخريف لم يعد يحمل اعتداله المعروف، بل بات أقرب إلى امتداد لفصل الصيف، من حيث درجات الحرارة المرتفعة والجفاف الملحوظ، فيما أصبح الشتاء يميل إلى الاعتدال في مناطق كانت تشتهر سابقًا ببرودتها الشديدة.
وشدّد جمال إبراهيم على أن هذه التغيرات لا ترتبط بمنطقة جغرافية واحدة، بل تشمل كافة أنحاء العالم، من القطب الشمالي إلى القارات الأفريقية والآسيوية وأمريكا الجنوبية، حيث تتوالى التحذيرات الدولية بشأن تأثيرات الاحتباس الحراري على أنماط الحياة والنظم البيئية.
وأكد أن الاحتباس الحراري مسؤول أيضًا عن اضطرابات مناخية حادة، مثل العواصف المفاجئة، وحرائق الغابات واسعة النطاق، والجفاف المتكرر، مشيرًا إلى أن هذه الكوارث باتت تحدث بوتيرة أعلى من المعتاد في العقود الماضية.
ونوّه إلى أن ارتفاع درجات الحرارة لا يؤثر فقط على الإنسان، بل يمتد تأثيره إلى الزراعة والمياه والتنوع البيولوجي، حيث يؤدي إلى تلف المحاصيل، ونقص موارد المياه، وانقراض بعض الأنواع التي لا تتحمل التغيرات الحرارية السريعة.
وقال إن من مظاهر هذا التغير المناخي المتسارع أن مواسم الزراعة تتأثر بخلل في دوراتها، ما ينعكس سلبًا على الإنتاج الغذائي العالمي، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وزيادة الضغط على الموارد الطبيعية في الدول النامية.
وحذّر الخبير من أن استمرار هذا المسار دون تدخل حقيقي سيؤدي إلى تصاعد التأثيرات السلبية، ما قد يهدد الأمن البيئي والاقتصادي والغذائي، لا سيما في الدول التي تعاني من بنية تحتية ضعيفة لمقاومة التغيرات المناخية.
وأشار إلى أن هناك مسؤولية جماعية تقع على عاتق الحكومات والمنظمات الدولية والأفراد، في العمل على خفض الانبعاثات، ودعم مصادر الطاقة المتجددة، والحد من قطع الغابات، وتغيير أنماط الاستهلاك اليومية غير المستدامة.
ودعا جمال إبراهيم في ختام مداخلته إلى تعزيز الوعي المجتمعي بخطورة الظاهرة، مؤكدًا أن مواجهة الاحتباس الحراري تتطلب تحركًا عالميًا موحدًا، يبدأ من التعليم وينتهي بصياغة تشريعات صارمة تحمي المناخ وتلزم الصناعات الكبرى باحترام الحدود البيئية.